الأحد، 31 مارس 2013

أيام جيدة ، أيام سيئة / 5




السلام عليكم .. 



ترافقت مع الإكتئاب زمناً طويلاً. وعرفت كيف أتكيف معه. في هذه السلسلة سأكتب دروساً مقتضبة تعلمتها منه. 
كلي أمل أن تصبح تجربتي وتعرية أعماقي هذه أمراً مفيداً لشخص آخر يمر بنفس الألم. 


الملاحظات والتعليقات مرحب بها دوما. سواء هنا أو على wafakm@gmail.com أو تويتر أو فيس بوك أو صفحة المدونات على فيس بوك (الصفحة)


==== 

واجه بعض متصفحي المدونة مشاكل في كتابة ردود.. لست أعرف السبب لكنني راجعت إعدادات المدونة من أجلكم ،، ونتيجة لهذا الخلل وصلني على الإيميل رد من الأستاذ وليد الزهير يذكر لي ملاحظة شجعتني أن أضع هذه التدوينة الآن بدلا من تأجيلها .. 


هذه كانت ملاحظته : 

" السلام عليكم ورحمة الله ،،


حاولت الكتابة على المدونة، لكن الكتابة تختفي إذا حاولت نشرها.. عموماً، هذا ما كتبت:

لا أدري كيف حللها علم النفس، لكن أعتقد أن حالة الإكتئاب تختلف من شخص الى آخر، ومسبباتها أيضاً تختلف من شخص الى آخر.. حسب تجربتي، وجدت أن تزامن عدة عوامل معاً، يدفعني لهذا الشعور المظلم.. ضغط العمل المستمر + زحمة الطريق الى البيت + وفاة صديق أو قريب + إصرار البائع بأنني طلبت القهوة الخطأ + خراب السيارة + بكي أطفال الجيران المستمر مع شتائم والدهم + وغيرها وغيرها.. كلها تتجمع وتتوالى لتشكل إجهاد وعبيء ذهني ضخم، يجعل قبول أي شيء جديد مسألة صعبة، حتى لو كان مفرح.. أحتاج وقت، ومساحة خاصة.

وهناك حالات تتطور لتكون مزمنة، وتتطلب علاج ومتابعة من قبل مختصين."


=== 


"تعلمت اليوم أن صغائر الأمور تُحسب" 


مهما بدت الأمور المزعجة صغيرة وتافهة. إهمال التعامل معها سوف يؤدي إلى أمر كبير.

لاحظت أن "أموراً صغيرة متراكمة" هي السمة الغالبة لأسوأ حالات الإكتئاب التي مررت بها. وأن أسوأ حالات العزلة التي عانيتها كانت بسبب حالة إكتئاب من نوعية "أمور صغيرة متراكمة" ..

الصحون في المجلى والملابس في النشافة وصغيرتي تبكي على كتفي منزعجة من أسنانها الجديدة وعبدالعزيز يبحث عن طريقة يقنعني بها أن اللعب على الكمبيوتر قبل حل الواجبات أفضل ورهف تجادلني بأن حذاءها المخصص للفستان الوردي صالح للإستخدام في المدرسة والقدر على النار يذكرني صوت غليان الماء فيه أن أنتبه فلا أحرق الغداء .. ثم يتصل زوجي ويقول سنذهب للغداء في الخارج. وأبدأ بإعطاء سبعين أمر في الدقيقة لنصبح جاهزين ،، وخلال ذلك ثلاثون مجادلة مع الصغار .. ويصل زوجي ونركب السيارة .. 

أتنفس ،، تمر دقائق من الهدوء ثم أقرر أن الطريق طويل بما يكفي لأسترخي وأقرأ قليلا.. يتأفف زوجي ويتهمني بأنني أتعمد تجاهله. يَدخل الكتاب في الحقيبة لكننا لا نتبادل إلا حديثا سامجا مصطنعا من نوعية :" هل حل الصغار واجباتهم ؟ " ثم صمت يقطعه قهقهة الصغار بين حين وآخر .. 

في المطعم ،، فك الخصومات بين الصغار ،، الرضيعة تقرر أن هذا وقتا مناسبا لتستفرغ على عباءتي .. 

القائمة ،، ينظرون إلي لأقرر ما يصلح لهم .. 

ننتهي من الطلب ،، جدال جدال جدال ،، محاولات لفرض الهدوء على الطاولة ،، ثم تأتي .. 

أعرفها .. لحظة الغرق .. تلك اللحظة التي تتراكم كل هذه الأمور الصغيرة في حلقي وتتحول إلى عبرة ..lump in the throat 

ثم تتصاعد لتأمر عيني بالإلتماع .. 

اللحظة التي يصبح كل ما حولي بالحركة البطيئة .. وأشعر أنني أنفصل عنه تماما .. وكأنني أراه على شاشة سينما .. 

وأجدني أأمرني بالتحرك والابتسام والتصرف كأم .. 

أعود للاتصال بالواقع بعد دقائق .. بعد أن أكون قد فقدت كل رغبة بكل ما يعنيه هذا "الغداء في الخارج".. 

ليسألني زوجي ،، "ما بك ؟" ويغمرني الخجل أن أشتكي من أمور سخيفة كالمذكورة في الأعلى .. 

فأنعزل ،، ويجرني الإكتئاب .. 


الحوت ، أكبر كائن على الكرة الأرضية يتغذى على أصغر الكائنات التي نتخيلها في البحر.. 

إكتئابي ،، يتغذى على تراكم هذه الأمور الصغيرة .. 
فلك أن تتخيل مدى الإكتئاب الذي مررت به بعد ،، محاولة حمل فاشلة وخطرة ، فشلي في مشروعي والذي تسبب به حملي الفاشل والخطر ، موقف حصل مع قريبة آلمني ثم ضغط مادي بسبب فشل المشروع .. عدا عن " أمور صغيرة متراكمة " أخرى ..

هناك 9 تعليقات:

  1. شيء مذهل فعلاً ما تكتبينه..كلماتك انسابت على قلبي كالبسلم الشافي..رغم اني عشت تلك اللحظات معك والتي اعرفها جيداً الا ان طمأنينة المشاركة غمرتني
    أن أجد من تعاني مثلي ولا زالت تتنفس ولم تسيطر عليها فكرة الانتحار
    اشعرني بطمأنينه كبيرة
    لديكي وصف مذهل
    رغم اني امارس طقوس الاستيقاظ يومياً الا اني لم انتبه يوماً الى كونها عادات يومية تحثني على النهوض وممارسة واجباتي
    رغم اني امر بمواقف كموقف دعوة الغداء الا اني كنت اعزو تلك المشاعر والمراحل التي امر بها الى حساسيتي المفرطة
    احببت مشاركتك هذه الخبرة علك تترجمينها بعباراتك
    اكثر الايام سعادة وتفاؤل بالنسبة لى هي تلك الأيام التي كنت محاطة فيها بأناس شعرت بمحبتهم لي وأنست بهم
    وأكثر الأيام بؤساً وشقاءً حين أطعن منهم وأبتعد حتى تقتلني الوحدة
    حولي كثير من البشر لكن لا أجد أرواحاً أسعد بها
    اتمنى انك فهمتني

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا لك ،،
      المذهل أنني لم اتوقع أن أجد تشجيعا وهأنذا أرى تعليقك ومشاركات الناس في تويتر وفيسبوك.
      شكرا لمديحك المبالغ به ..

      فهمت ما تقصدينه وهو موضوع الحلقة القادمة بإذن الله

      حذف
    2. عزيزتي التي تركتي تعليق بإسم غير معروف.. اود ان اشاركك واشارك اي فرد مر بهذه الظروف امرا مهما.. وهو اننا تربينا على ان تكون سعادتنا وشقائنا مبنية على تعامل الاخرين معنا.. مما جعل المحيطين بنا سواء من اشخاص مقربين او غير ذلك يتحكمون في تغيراتنا وتقلباتنا المزاجية وفقا لتصرفاتهم معنا...لذا انصحك وانصح نفسي ان نحاول دائما بان لا نجعل ردات فعل الاخرين تؤثر علينا..

      حذف
  2. عشان ينشروا يضغطوا على معاينة وبعدها نشر :)

    ردحذف
  3. أعلم أن التدوينة قديمة نوعا ما و لكني اكتشفت المدونة للمرة الاولى و احببتها جدا ..

    التراكمات الصغيرة المزعجة التي يراها الآخرون تافهة لربما تكون أكثر ما يصيبني بالاكتئاب ، ربما أكثر ما هو مزعج الاحساس بأنه لا شيء يستحق الحزن فلماذا أنا حزينة ؟

    لكني تعلمت مع الوقت أن هذه التراكمات كما تتجمع ببطء واحدة تلو الأخرى أستطيع حلها واحدة بعد الثانية حتى أتخلص منها جميعا

    شكرا لك وفاء لا زلت مستمتعة بالسلسلة

    ردحذف
    الردود
    1. يسعدني تعليقك عزيزتي ..

      قديمة أم جديدة ، مجرد مرورك عليها ثم تكلفك وضع تعليق هنا يجعلني ممتنة لك .

      سأنظر في حلك المتأني .. يبدو أنه منطقي جدا
      شكرا لك

      حذف
  4. كلامك جدا جميل يوصف معاناتي بدقه اخيرا عرفت السبب الي يخليني كذا او اتصرف كذا دايما انقهر واقول انا مو كذا ليش اسوي والحين فهمت ان سبب عزلتي ومزاجي الي دايما خربان واعاني من حرب نفسيه سببها الاكتئاب معني اقرا قران واحاول ابتعد وادعي كثير الحمدلله ربي استجاب دعائي وساعدني

    شكرا لك ممتنه لك عزيزتي وان شاء الله علبال ماخلص المدونه يكون فيه حل❤

    ردحذف