‏إظهار الرسائل ذات التسميات بودكاست. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات بودكاست. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 8 نوفمبر 2022

بودكاست شسمه ؟ الحلقة الثالثة من سلسلة قمة سينك مع ايزابيلا. الأخت الكبرى والحماية من المحتوى

رابط الحلقة


 أهلا .. 

أنا وفاء خالد، وهذا بودكاست "شسمه ؟". مثل العادة سأتناول موضوعاً محدداً أثار اهتمامي مؤخراً. وأتحدث معكم وكأنكم معي على طاولة المطبخ. جهزوا الشاي أو القهوة وتعالوا نسولف. 

جميع المراجع لكل ما أذكره ونص الحلقة ستكون في الروابط المرفقة كالعادة  وفي المدونة. 


حضرت ، في يومي 29 و 30 مارس 2022، قمة سينك Sync Summit  لمناقشة الاتزان في الحياة الرقمية والتي حصلت في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء". ولأول مرة في مثل هذه المناسبات. بعد أن خرجت من المسرح. وجدت المتحدثين يتنقلون بحرية في المقاهي الموجودة في إثراء. والمجال مفتوح لأي شخص للحديث معهم. 

لم أكن أتوقع هذا أبداً بناء على تاريخ إثراء في مثل هذه المناسبات، لكن لحسن الحظ أنني أحضرت معي الميكروفونات الصغيرة وانتهزت الفرصة لتسجيل بعض الحوارات القصيرة مع بعض المتحدثين الذين حالفني الحظ لملاقاتهم واتسعت صدورهم وأوقاتهم للحديث معي. 


ملاحظة:

كون الحوارات كانت باللغة الإنجليزية، فسوف أضمّن أجوبة الضيف ومن ثم ترجمة مختصرة لما ذُكِر في الحوار. 

 

سلسلة الحلقات القصيرة هذه ستكون مقسمة بحسب الموضوع والضيف. وستجدون بالطبع بعض الأخطاء الاحترافية، مثل عدم التحضير المسبق، وخشخشة الصوت بسبب وضع المايكروفون في مكان خاطئ، وغيرها .. أتمنى أن تتذكروا أنني لم أتوقع أن أرهم أصلاً ولم تكن اللقاءات معدة لتلقي أسئلة الحضور. فلم أصغ أي منها بشكل احترافي. وكان كل الأمر عفوي.


== 


في سنة 1949، كتب جورج أوريل رواية 1984، يتخيل فيها عالم ديستوبيا. تكون فيه كل الأفكار التي يمكن أن يفكر بها أي فرد من المجتمع محكومة بما يريده الحزب وما يقرره " الأخ الأكبر " الذي يرأس هذا الحزب. 

بطل القصة وينستن سميث، لم يطق هذه الرقابة. ولم يستطع التعبير عما يشعر لأي أحد. فكل أحد قد يكون عيناً للحزب، وكل مكان يراه ويراقبه الأخ الأكبر. لكنه استطاع أن يهرب من هذه الرقابة الشديدة عندما وجد نقطة عمياء لا تراها الكاميرات. وبدأ ثورته الشخصية الصغيرة، بأن يفكّر أفكاره الخاصة. ويرتكب جريمة أكبر وهي تدوين هذه الأفكار في دفتر يوميات. 


بعد كتابة هذه الرواية بعقد من الزمن تقريبا، بدأت بذرة اختراع جديد، Intergalactic Network للكمبيوترات، وتطورت أكثر في مختبرات الجيش الأمريكي وصارت

 ARPANET,  the Advanced Research Projects Agency Network

حيث صنعت الكمبيوترات شبكة صغيرة محدودة بينهم لتبادل المعلومات. وفي 1983 استطاع العلماء تطويرها وصارت الشبكات الصغيرة المحدودة تتواصل مع بعضها. ومن هنا بدأ الإنترنت الحديث وتوسع وانتشر حتى أصبح هذا الشيء الذي أستخدمه لأضع لك هذا المحتوى وتستخدمه لتستمع له. 


وعلى عكس عالم رواية 1984، أتاح هذا الاختراع لكل شخص أن يعبر عن أفكاره ومعتقداته ورغباته. وأتاح لكل شخص متصل بالشبكة أن يطّلع عليها دون قيود. 

وتدريجيا، بعد أن كانت الانترنت مكاناً جديداً جميلاً لنشر العلم وتطوير التقنيات وتطبيقاتها. لم ينتبه المجتمع أن المياه التي كانوا يخوضون فيها بسهولة تحولت إلى بحر فمحيط تتلاطم فيه الأمواج وتعيش في أعماقه كائنات كثيرة مخيفة تنظر لنا كما ننظر إلى قائمة المأكولات الشهية في مطعمنا المفضل. 

استخدامات الانترنت المفيدة في العالم والتي "تغيّره إلى عالم أفضل" في كثير من الأحيان. شجعت مزيد من الناس للدخول في هذا المحيط المرعب. وتعلم الأطفال عن هذه التقنية الجديدة المثيرة. وقفزوا دون أي وسيلة أمان. ومثل كل تقنية، استطاعت فئات من البشر استخدامها لتطوّر جرائمها.

وظهرت لنا تفرعات جديدة مثل الانترنت المظلم، والذي يصعب تقفي أثر من يستخدمه. والذي استغله كلاً من الصحافيين الهادفين لفضح الفساد لحماية مصادرهم. والفاسدين لتبادل منتجاتهم الصادمة لكل سَوّي. 

عندما كنا أطفالاً، كنا نظن أن الأشرار لهم أعين حمراء أو صفراء، تطلق الشرر. وملامح حادة تكاد تخترق صدورنا فتلوثها. وكبرنا وعرفنا أن الأشرار قد يبدون لطفاء، بل يشبهوننا أحيانا. 

وفي الانترنت، الذي يعكس عالمنا الواقعي. نرى أن الأشرار لازالوا يستخدمون نفس طرقهم لكن بطريقة مطورة. فتوقف اللصوص عن تعريض أجسادهم للخطر عبر اقتحام المنازل. وتعلموا سرقة بياناتنا لتحويل أموالنا إلى حساباتهم. 

كما استغل النصابون عدم حرصنا أو جهلنا. فأصبحوا يأخذون هويتنا ويحادثون أصدقائنا ويسرقونهم … 

وأصبح المتحرشون بالأطفال يرتدون صورة رمزية لطفل. ويدخلون ألعاب الأطفال ليتحدثوا معهم وكأنهم منهم. وبعد أن يبدأ الطفل بالوثوق بهم واعتبارهم أصدقاء، يكشفون عن قناعهم شيئا فشيئا ويلتهمون براءتهم. 


كما تطورت أساليبهم، تطورت جرائمهم. فأصبح عرضهم لمحتوى جرائمهم لتعليم غيرهم أو متعتهم المريضة. مربح أيضا. 

ووجدوا لهم جمهوراً مستعدا للدفع. ومثل أي منتج لأي محتوى، استهدفوا جمهورهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي العادية. التي توجههم إلى أزقة الانترنت المظلمة. 


ومن يستخدم وسائل التواصل الاجتماعية ؟ أنا وأنت وأبناءنا، وإخوتنا الصغار. 

من الذي سيمنع هذا المحتوى من الوصول إليهم ؟ 


كل طرف يرمي المسؤولية على الآخر، أولياء الأمور يقولون أن الشركات التي تربح من وجودنا في شبكتها يجب أن تراقب المحتوى. والشركات تقول لا يمكننا متابعة المليارات من المدخلات، والمسؤولية على الوالدين. 

تخلت أغلب الشركات عن مسؤوليتها القانونية المتعلقة بهذا المحتوى بلصق جملة (لمن هم أكبر من 13 عام، أو 16 أو 18 ) على منتجها. وتبرأت من علاقتها بالمحتوى، رغم أننا نوقع عقداً كي ننشئ الحساب عندهم فيه البند الذي يمكنهم من بيع وشراء محتوانا الذي ننتجه دون إذننا. ورمت مسؤولية حماية الأطفال على الأهالي. الذين يطالبون الحكومات بالضغط على الشركات بمتابعة ما يُنشر وإبداع طرق لحماية الصغار والمجتمع من مثل هذا المحتوى.

فالأهالي مهما تفانوا بتعلم التقنيات الجديدة، يسبقهم الأطفال ممن ولدوا وهذه التقنيات موجودة بين أيديهم وبَدَهية بالنسبة لهم. 


بعد الضغط الإعلامي والأخلاقي والحكومي على هذه الشركات الكبرى، تحركت بعضها وأنشأت طرقاً لمتابعة المحتوى، وهذه الطرق تعتمد على البشر حالياً، فالمستخدم الذي يرى ما لا يصلح، يُبلغ عنه. وينتقل هذا البلاغ إلى إيزابيلا وفريقها في دبلن. التي تعمل على تصنيف هذه البلاغات وتأكيد خطرها أو عدم صحة البلاغ. فتمنع وصول بعضها إلى الجميع، وتقنن البعض الآن تحت تحذير، وتبلغ عن الأخطر للجهات المسؤولة. 


إيزابيلا، الأخت الكبرى لكل من يستخدم الشبكة العملاقة التي تعمل بها. وفريقها من المحاربين. يقفون في الصف الأمامي متعرضين للمئات من المحتويات. 



لهذه الوظيفة أثر سلبي قوي على الصحة النفسية والعقلية. فعندما يواجه الواحد منا أحد تلك المحتويات المريعة. سيظل يفكر به ويتألم لما حصل. وقد يجرح قلوبنا جرحا لا يندمل لفترات طويلة. دون الحديث عن الخوف والقلق الذي يتسرب إلى حياتنا اليومية بفعل الصدمة. 

فكيف بمن يرى المئات منها يوميا. وهدفه هو التمعن بها وتصنيفها؟



الشركة التي يعمل فيها فريق إيزابيلا، تعطيهم الخيار عند توظيفهم لاختيار المحتوى الذي لا يمكنهم تحمله نفسياً لمنعه من الوصول إليهم وتحويله لشخص آخر من الفريق، وهي اختارت عدم رؤية أي محتوى لإيذاء الأطفال،  لكن يظل باقي ما يتعرضون له من محتوى مؤلم، وبعد مشاهدته قد يحتاجون لوقت مستقطع يستعيدون فيه توازنهم. 



من النادر أن تجد شخصا يستمر في هذه الوظيفة لفترة طويلة. وبسبب العقود التي يوقعونها مع هذه الشركات العملاقة لا يُسمح لهم بالتحدث والتفريغ عما يشعرون به وما رأوه. 

ومع التعرض المستمر، وتتالي الصدمات، يتحقق ما نعبر عنه في ثقافتنا بـ " كثر المساس يقل الإحساس"  ، وهي طريقة العقل في تخفيف الألم علينا. وإبعادنا عن هذا الشعور. والمشكلة أن العقل يتعامل مع كل الأحاسيس الآن كشيء سلبي فتختفي مشاعر أخرى مع الألم، مثل التعاطف، والحزن، والسعادة، وهذه المشاعر هي من ضمن مدى المشاعر الإنسانية التي نحتاجها، وفقدانها قد يسبب اختلالا نفسيا للشخص يدخله في دوامات أخرى. 

وسوف ارفق في وصف الحلقة رابط فيديو لاعترافات أحد الأشخاص الذين كانوا يعملون في هذه الوظيفة. 



وهدفهم حالياُ هو خسارة وظيفتهم في أقرب وقت. عندما يتمكن الذكاء الصناعي من معرفة الإجابات الصحيحة من دونهم. وأن يمنع وصول هذا المحتوى للناس وخاصة للصغار. 


قد نشعر أننا محاصرون وأطفالنا في خطر، لكن بيدنا كمجتمع إمكانية التغيير عند الوعي بالمشكلة والتصدي لها. 


كيف نساعد فريق إيزابيلا ؟ بالتبليغ عن المحتوى المخالف. وشيئا فشيئا سيتعلم الذكاء الصناعي ويزيلها بنفسه. 



لكن المهمة الأكبر الآن هي التي في أيدينا نحن، علينا تعليم الأطفال طريقة التعامل مع الانترنت ومتابعتهم. مثلما نعلمهم قيادة السيارة مع كل أخطارها. ومثلما نرسلهم إلى مدن الملاهي مع كل التحذيرات. 

سأضع في وصف الحلقة رابط لكتيب صغير أعجبني عن التصفح الآمن. وفي المدونة سأضع المزيد من الروابط لمساعدة الأهل في مهمة تعليم الأطفال وحمايتهم. 

رفع وعي الأطفال من سن صغير هو سلاحنا الأول الآن. وإيزابيلا وفريقها خط الدفاع الثاني وقريباً سيكون الذكاء الصناعي الخط الثالث. 


وعندنا جبهة أخرى علينا الانتباه لها. وهي حث المبرمجين على البرمجة الأخلاقية. بحيث لا يصبح هدفهم الأول هو إبقاء المستخدم لساعات أطول داخل برنامجهم وتطبيقاتهم. وإيجاد حلول عملية مبنية داخل التطبيق تتنبّه للاستخدام المفرط وتساعد المستخدم على التوقف. 


شكرا لكل من وصل هنا. ممتنة لوجودكم ودعمكم. 

شكرا عزيزي .. عبدالعزيز الحزامي على المساعدة في التسجيل والمونتاج وإنتاج الموسيقى الخاصة للبودكاست.

المدونة في وصف الحلقة وفي المدونة نص الحلقة كامل مع المراجع وقراءات إضافية.


مراجع وقراءات إضافية: 

كتاب keeping safe لتعليم الأطفال عن مخاطر الانترنت. 

قصة اختراع الانترنت 

حساب ايزابيلا على لينكد إن

مراجع للأهل عن طرق لتعليم أطفالهم عن الحماية على الانترنت 

رواية 1984 

كتب للأطفال عن حماية أنفسهم على الانترنت 


الخميس، 21 أبريل 2022

بودكاست شسمه ؟ الحلقة الثانية من سلسلة قمة سينك مع توني فان غوي

رابط الحلقة

 أهلا .. 

أنا وفاء خالد، وهذا بودكاست "شسمه ؟". مثل العادة سأتناول موضوعاً محدداً أثار اهتمامي مؤخراً. وأتحدث معكم وكأنكم معي على طاولة المطبخ. جهزوا الشاي أو القهوة وتعالوا نسولف. 

جميع المراجع لكل ما أذكره ونص الحلقة ستكون في الروابط المرفقة كالعادة  وفي المدونة. 


حضرت مؤخراً، في يومي 29 و 30 مارس 2022، قمة سينك Sync Summit  لمناقشة الاتزان في الحياة الرقمية والتي حصلت في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء". ولأول مرة في مثل هذه المناسبات. بعد أن خرجت من المسرح. وجدت المتحدثين يتنقلون بحرية في المقاهي الموجودة في إثراء. والمجال مفتوح لأي شخص للحديث معهم. 

لم أكن أتوقع هذا أبداً بناء على تاريخ إثراء في مثل هذه المناسبات، لكن لحسن الحظ أنني أحضرت معي الميكروفونات الصغيرة وانتهزت الفرصة لتسجيل بعض الحوارات القصيرة مع بعض المتحدثين الذين حالفني الحظ لملاقاتهم واتسعت صدورهم وأوقاتهم للحديث معي. 


ملاحظة:

كون الحوارات كانت باللغة الإنجليزية، فسوف أضمّن أجوبة الضيف ومن ثم ترجمة مختصرة لما ذُكِر في الحوار. 

 

سلسلة الحلقات القصيرة هذه ستكون مقسمة بحسب الموضوع والضيف. وستجدون بالطبع بعض الأخطاء الاحترافية، مثل عدم التحضير المسبق، وخشخشة الصوت بسبب وضع المايكروفون في مكان خاطئ، وغيرها .. أتمنى أن تتذكروا أنني لم أتوقع أن أرهم أصلاً ولم تكن اللقاءات معدة لتلقي أسئلة الحضور. فلم أصغ أي منها بشكل احترافي. وكان كل الأمر عفوي.


" In every job that must be done there's an element of fun. You find the fun and snap, the job is a game" 

تقول ماري بوبنز : "في كل عمل يجب أن تنجزه يوجد عنصر للمتعة. إذا وجدته، يتحول العمل إلى لعبة" 



مفهوم تحويل المعلومات الثقيلة إلى لعبة لتيسير الفهم ليس جديداً. من أشهر الأمثلة القديمة عليه هو لعبة مونوبولي. والتي اخترعتها ليزي ماقي Lizzy Magie  سنة 1903 بهدف شرح الرأسمالية وتجارة العقارات. وتحولت عبر الزمن إلى الشكل الذي نعرفه.


عناصر المتعة من إمضاء الوقت مع الأصدقاء حولها والشجارات المضحكة التي تحصل والتنافس بينكم والقصص التي تُحكى حول لوح اللعب والعشوائية التي تتحكم بمصير اللاعبين. جعلت مونوبولي وما شابهها من ألعاب هدف بحد ذاتها بغض النظر عن الهدف الأساسي الذي صُممت له.

هذه العناصر تم تبنيها وتطويرها عبر شركات الألعاب ومصمميها، جيلاً بعد جيل ولعبة بعد أخرى. وصار بناء الألعاب يعتمد على قواعد وأسس مستقاة من علم النفس والآن مع رقمنة كل شيء، البيانات. 

فمصممي الألعاب الآن يعرفون أن العشوائية في الهدايا التي يحصل عليها اللاعب عند الفوز عنصر جذب يجعله يستمر في محاولة الحصول على المزيد. ويعرفون أيضاً أن المرحلة التالية يجب أن تكون أصعب من مهارة اللاعب الحالية بما يكفي لتكون اللعبة مشوقة ولكن دون ارتفاع بالصعوبة يجعلها مستحيلة

ونرى أثر هذه المجهودات ونجاحها في المليارات من الأموال التي تدور في فلك عالم صناعة الألعاب. واستعداد الناس بمختلف الأعمار والثقافات لقضاء الساعات من أوقاتهم لحل الألغاز ومحاربة الوحوش واكتشاف المنتحل من أصدقائهم. 


وأينما كانت الأموال تجد الأعمال تراقبها لتتعلم. ففي البداية كانت الوسيلة الوحيدة للتعامل مع الموظفين هي العصا والجزرة. لكن هذا المودل القديم من التعامل مع الموظفين لا يتناسب مع الطبيعة البشرية التي اكتشفها الاقتصاديون والإداريون أخيراً. 

فكيف يمكن للمودل القديم أن يفسر تخصيص شخص من وقته وجهده وماله حصة كبيرة، لتعلم هواية لا تعود عليه بالنفع الذي يعرفه هذا المودل (كالأموال والشهرة وغيرها ) ؟ أو موجة الاستقالات التي تحصل الآن ليتخلى الناس عن بعض المنافع المادية مقابل بيئة عمل أفضل أو عمل له مردود معنوي أعلى ؟ 


وكما يقول دانيل بينك  Daniel Pink  : " اكتشف الاقتصاديون أننا لسنا روبوتات محركها اقتصادي " 


طيب ما هي علاقة كل هذا بالألعاب ؟ 

كما ذكرنا من قبل، عالم الأعمال يراقب تحركات الأموال ويتعلم منها. وقرر الإداريون أن يدخلوا عناصر اللعب على بيئة العمل لدفع الموظفين لمزيد من الإنتاجية. ومن هنا جاء مفهوم التلعيب، أو gamification أو gamifiying الوظيفة. 

وتوجد عدة تجارب في هذا المجال وأبحاث لازالت تُدرس وتُناقش. لكن عالم الأعمال مستعجل ولا ينتظر نتائج الدراسات المتأنية. فأخذت بعض الشركات مبادئ الألعاب وطبقتها. 

كنت أكلم الباحث في السلوكيات الإدمانية Tony van Rooij في قمة سينك  (إذا نطقت الاسم غلط فهو لأني ما أعرف هولندي) عن موضوع التلعيب وإدخاله في بيئات العمل. وإذا كانت الفكرة جيدة. 

وكان جوابه : " يعتمد على طريقة التطبيق، فالطريقة التقليدية هي بوضع قائمة للأفضل أداء، وإعطاء الناس نقاط على بعض الأعمال، ويمكن أن يخلق هذا تأثيرات جانبية من نوع تقييم الأشخاص لبعضهم وإيجاد الثغرات للعب على النظام. لكن لو تم تقسيم العمل إلى أقسام أصغر واستمرار التقييم حتى قبل نهاية العمل الأكبر (الترجمة الحرفية هي مكافأة الناس على أدائهم في المنتصف) هذا منطقي أكثر بالنسبة لي. " 


كلامه هنا ضرب وتراً عندي، فأنا أكره المنافسة مع الآخرين، وبمجرد أن يصبح الوضع تنافسياً بشكل مسموم وتدخل فيه محاولة الفوز بكل الطرق والتركيز على الآخرين بدلا من نفسي وفريقي، أفقد الاهتمام بالأمر كُله. لطالما حاولت إقناع أطفالي وكل من أعمل معهم بأننا لا ننافس إلا أنفسنا، وعلينا فقط المقارنة بين مستوانا الحالي والسابق ومعرفة إذا كنا نسير في الطريق الصحيح ونتحسن. التعلم من الآخرين والتعاون معهم لنفوز جميعا ونتقدم. وعلى الرغم من أن ما سأقوله الآن يعتبر مكرر وممل لكنه صمد في اختبار الزمن لأنه يحمل الكثير من الصحة وأنا أؤمن به "القمة تتسع للجميع". والمراكز موجودة لنعرف مستوانا في المهارة التي نريد إتقانها. والمنافسات موجودة لتشجيع تسريع التقدم. لا أكثر. 


ذكر توني مثالا يعتبره جيدا في استخدام مبادئ الألعاب، وهو التعليم : 

"من ناحية التحفيز، استخدم التلعيب في التعليم، فإن كان لديك برنامج تعليمي مدته ثلاث أشهر ويتم التقييم في النهاية، هذه مدة طويلة جدا في انتظار التقييم بينما في الألعاب تأخذ التقييم مباشرة بعد المهمة وبعدد مرات أكثر وتكرار أسرع، فإن تم تصميم البرنامج التعليمي بطريقة أفضل في حدود مبادئ الألعاب وحتى في البرامج التعليمية للموظفين داخل الشركات، فهذا سيساعد بشكل أفضل" 


سألته بعدها عن شركة سمعت مقابلة مع أحد مؤسسيها يقول فيها أنه استخدم مبادئ التلعيب في تقييم موظفيه وتحفيزهم. فشرحت له الطريقة كمثال موجود حاليا وقارنته بتطبيق دوولينقو duolingo  واستخدام المبادئ فيه لإبقاء المتعلم فترة أطول دون أن يفقد الاهتمام.


يجب أن أعترف أن أفكاري كان مشتتة في كل مكان هنا ولم أصغ أسئلتي بطريقة منطقية وواضحة. 


توني رتبها لي في إجابته : " في حالة دوولينقو قد تكون (مبادئ التلعيب) مفيدة، لكن في حالة الشركة التي تحدثنا عنها قد يشكل هذا مشكلة.  وهناك أمثلة على ذلك، فكل الاقتصاد التشاركي حيث يعمل الأشخاص في أعمال صغيرة ويعتمد بالكامل على تقييم العملاء. الثقة بالشخص أو مقدار ما يدفع له يعتمد عليه، وقد يصبح الأمر قابلا للتلاعب، بحيث تتلاعب الشركات بالموظفين عبر لمكافآت والتقييم أو امتلاك العملاء وزن كبير في التقييم يجعله طريقة غير منصفة ربما" 


وأكمل ليتحدث عن مثال أفضل : "  هناك تجربة مشهورة في الحديث عن مفهوم التلعيب، فشركة ديزني حاولت إدخاله على قسم تنظيف الغرف ووضعوا قائمة للأعلى أداء والتقييم كان على سرعة الأداء، ثار الموظفين على هذا النظام، كونه يزيد الضغط على الموظفين بطريقة غير صحية ليحققوا هذا مؤشر الأداء هذا فقط، فلا يمكنهم أخذ راحة، وبدلا من العمل بسرعة تناسب الشخص كي يستطيع الاستمرار في الوظيفة لفترة أطول، فيمكن أن يتسبب النظام بآثار جانبية سلبية. كما أنه يضغط عليهم لجعل معلوماتهم متاحة للكل وجعلها معلومات للمنافسة. يمكن للإدارة بالتلعيب أن تكون إيجابية إن استخدمت بطريقة صحيحة أو سلبية إن استخدمت بطريقة خاطئة. فمثلا في دوولينقو  الموضوع مختلف، فأنت فرد تتعلم لغة، وتأخذ تقييم مباشر على أدائك لذا فالنظام ليس سلبيا دائما"                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   كونه باحث في موضوع السلوكيات الإدمانية، وكوني أم، كان لابد أن أعرج على نقطة لازلت لا أعرف كيف أتصرف معها، ففي بداية أزمة كوفيد_19 انقطع الأطفال عن أصدقائهم تماما، وفقدوا حياتهم الاجتماعية فجأة، فاضطررت أن أسمح لهم باللعب على أجهزتهم مع أصدقائهم لفترات أطول لتكوين هذه العلاقات بينهم وعدم حرمانهم من نظرائهم ومن مفهوم اللعب الجماعي وكنت أضرب المثال بلعبة روبولكس roblox. الآن بدأت الأمور تعود لطبيعتها لكن أطفالي كوّنوا هذه العادة من اللعب لفترات أطول. كيف يمكنني أن أوصل لهم فكرة أن اللعب عبر الانترنت ليس هو الحياة ؟ ومثل كل حلقة، أتى الجواب غير المتوقع : " لدي أكثر من وجهة نظر في هذا الموضوع، ربما أولا يجب أن تعيدي التفكير في مفهومك عن (روبلوكس) فهي بالنسبة لهم حياة، فهناك يتواصلون، والتواصل فعلا له معنى بالنسبة لهم، نحن كبالغين نعرف أن الحياة لها جوانب أخرى ونريد لأطفالنا أن يخوضوا هذه التجارب. ما سأقوله صعب لكن للوالدين دور في وضع الحدود، وليس دائما بالإجبار، لكن بالشرح للأطفال وتوجيههم إلى تنويع نشاطاتهم بحيث تتضمن النشاطات الجسدية كالحركة، والتواصل بشكل شخصي (يقصد هنا خارج الإنترنت)، والتواصل أيضا بطريقة رقمية لكن دون إسراف. فهناك فكرة دارجة في هولندا أنه يمكن أن يُسمح للطفل ليوم واحد في الأسبوع أن يفعل ما يشاء في وقت فراغه، بينما تُتبع القواعد الأكثر صرامة في بقية أيام الأسبوع. التنوع ربما جزء من الحل. وهناك نقطة مهمة أيضا وهي: يجب أن تتواصل مع الطفل عن تجربته الرقمية. مالذي يفعله هناك ؟ ما تعنيه له ؟ هل الطفل هناك فقط ليتحدث مع أصدقائه ؟ وإن كان الأمر كذلك، يمكن للأهل التواصل وترتيب لقاءات مباشرة في نشاطات أخرى خارج العالم الرقمي. دون أن نركز فقط على روبلوكس، هذا باعتبار أن روبلوكس مكان لطيف للعب، لأنني أعرف أنه يواجه العديد من المشاكل خاصة فيما يتعلق بالمبرمجين والدفع لهم." 


في النهاية إذا، الموضوع يعود إلى طريقة التطبيق والإسراف في الاستخدام. مثل كل شيء آخر. 


إن كنت تريد استخدام مبادئ اللعب في مشروعك، فكر جيداً واستشر المختصين وطبّق بحذر كيلا تعود النتائج عليك بسلبية. ونحن كأشخاص علينا مسؤولية الانتباه على أنفسنا من الغرق في هذه الدوامة التي تتنافس على وقتنا ومهارتنا باستخدام مشاعرنا وأفكارنا. 


شكرا لاستماعكم وسامحونا على القصور في الإعداد لهذه المقابلات. 

الحلقات القادمة ستكون مع شخص تخصص في معالجة إدمان التقنية، وشابة تعمل في مراقبة المحتوى في شبكة تواصل اجتماعي كبرى، وباحثين من جامعة أبوظبي في أخلاقيات العالم الرقمي. 

والحلقة الماضية كانت عن دور المرأة وأهمية وجودها في مجال الاتصالات والتقنية.

جميع المراجع وبعض الاقتباسات من كتاب drive في المدونة ورابطها مثل العادة في وصف الحلقة. 


توني موجود على لنكدإن وتويتر لمن يحب أن يتواصل معه. ورابط التواصل معه موجود مع المراجع. 

      



المراجع : 

Game challenges and difficulty levels: lessons learned From RPGs

Difficulty Curves

How gamification motivates: An experimental study of the effects of specific game design elements on psychological need satisfaction

Drive: The Surprising Truth About What Motivates Us by Daniel H. Pink

تجربة ديزني 1 و 2 

توني على لنكد إن 

 توني على تويتر 


اقتباسات : 

“The problem with making an extrinsic reward the only destination that matters is that some people will choose the quickest route there, even if it means taking the low road. Indeed, most of the scandals and misbehavior that have seemed endemic to modern life involve shortcuts.”

Daniel Pink, Drive: The Surprising Truth About What Motivates Us


“Being a professional,” Julius Erving once said, “is doing the things you love to do, on the days you don’t feel like doing them.”

Daniel H. Pink, Drive: The Surprising Truth About What Motivates Us


economists are finally realizing that we’re full-fledged human beings, not single-minded economic robots. And perhaps most important, it’s hard to reconcile with much of what we actually do at work

Daniel H. Pink, Drive: The Surprising Truth About What Motivates Us





السبت، 2 أبريل 2022

بودكاست شسمه ؟ الحلقة الأولى من سلسلة قمة سينك مع لورديز مونتنيقرو

رابط البودكاست 

 أهلا .. 

أنا وفاء خالد، وهذا بودكاست "شسمه ؟". مثل العادة سأتناول موضوعاً محدداً أثار اهتمامي مؤخراً. وأتحدث معكم وكأنكم معي على طاولة المطبخ. جهزوا الشاي أو القهوة والبسكويت وتعالوا نسولف. 

جميع المراجع لكل ما أذكره ونص الحلقة ستكون في الروابط المرفقة كالعادة  وفي المدونة. 


حضرت مؤخراً، في يومي 29 و 30 مارس 2022، قمة سينك Sync Summit  لمناقشة الاتزان في الحياة الرقمية والتي حصلت في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء". ولأول مرة في مثل هذه المناسبات. بعد أن خرجت من المسرح. وجدت المتحدثين يتنقلون بحرية في المقاهي الموجودة في إثراء. والمجال مفتوح لأي شخص للحديث معهم. 

لم أكن أتوقع هذا أبداً بناء على تاريخ إثراء في مثل هذه المناسبات، لكن لحسن الحظ أنني أحضرت مع الميكروفونات الصغيرة وانتهزت الفرصة لتسجيل بعض الحوارات القصيرة مع بعض المتحدثين الذي حالفني الحظ لملاقاتهم واتسعت صدورهم وأوقاتهم للحديث معي. 


ملاحظة:

كون الحوارات كانت باللغة الإنجليزية، فسوف أضمّن أجوبة الضيف ومن ثم ترجمة مختصرة لما ذُكِر في الحوار. 

 

سلسلة الحلقات القصيرة هذه ستكون مقسمة بحسب الموضوع والضيف. وستجدون بالطبع بعض الأخطاء الاحترافية، مثل عدم التحضير المسبق، وخشخشة الصوت بسبب وضع المايكروفون في مكان خاطئ، وغيرها .. أتمنى أن تتذكروا أنني لم أتوقع أن أرهم أصلاً ولم تكن اللقاءات معدة لتلقي أسئلة الحضور. فلم أصغ أي منها بشكل احترافي. وكان كل الأمر عفوي.


وسأبدأ اليوم بمقابلة مع لوردز مونتنيقرو (يا رب نطقت الاسم صح)، والتي تعمل في world benchmarking alliance وهي منظمة تخصصت في تقييم الشركات عالمياً ومحلياً بحسب المعايير التي وُضِعت لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

تتخصص لوردز في معايير الشركات التقنية المتعلقة بتمكين جميع شرائح المجتمع لاستخدام التقنية وتشجيع وجودهم في الشركات كموظفين. ومن هذه المعايير التي سألتها عنها كانت عن تضمين الإناث في الشركات التقنية. 


في المملكة واحدة من كل أربع متخرجات من الجامعة تتخصص بالرياضيات والعلوم والتقنية والهندسة. لكن ثلثهن فقط يقرر الإنضمام إلى صناعة التقنية والاتصالات. 

ويعتبر الفارق في المملكة جيد بالمقارنة مع المعدل العالمي،  فقد وصلت مشاركة الإناث في المجال التقني إلى 24.7% تقريباً، مع هدف زيادة وجودهن والوصول إلى نسبة 30% في 2030. لكن المشكلة التي تواجه الإناث لدينا هي وجودهن في وسط أو قاع السلم الوظيفي. 


موضوع أهمية تنوع الثقافات والأشخاص في بيئة العمل طويل ومشعّب، لكن يمكن اختصاره بأن وجود وجهات نظر مختلفة لحل نفس المشكلة تنتج حلولاً تناسب شرائح أكبر وأكثر في المجتمع. وأهمية وجود المرأة في فرق تصميم خدمات تقدّم لكل المجتمع يضمن أن نصف المجتمع المتلقي سيجد ما يناسبه فيها. وهذا لوحده يجب أن يكون دافعاً لأصحاب هذه الخدمات والمنتجات لفهم حاجات الإناث وتصميمها بما يتناسب معها.


أول سؤال توجهت به للورديز كان تعليقاً مباشراً لما ذكرته هي على المسرح. فقد تحدثت عن أهمية إدخال الإناث في صناعة التقنية والاتصالات والصعوبات التي تواجههن لدخول هذا المجال. 


كان السؤال : 

كيف نقنع الرجال، أن وجود النساء معهم وتوظيفهن يعود عليهم هم بالنفع؟ 


أعادت لورديز صياغة السؤال وقالت : " يجب أن يكون السؤال كيف يمكن أن يخدم هذا الأعمال والتجارة والاقتصاد؟

الموضوع ليس فقط الرجال، لكن الرجال الآن هم من يديرون الاقتصاد والأعمال لذا يجب عليهم أن يفهموا المنافع التي تعود على أعمالهم. فالمستهليكن ليسوا فقط رجال، بل نساء وأطفال ومسنين. وكون النساء في العادة يعتنين بشرائح اخرى عديدة في المجتمع فهن يفهمن حاجاتهم ورغباتهم. ولهذا تحتاج الأعمال أن تفهم كيف يمكنها أن تصمم المنتجات بما يتناسب مع جميع أنواع المستخدمين.  وإن كان لديك منتجات تخدم أنواع متعددة من المستخدمين، فسيكون لديك عملا تجاريا ناجحا. " 


هممم.. إذاً، الدور التقليدي المتوارث للمرأة أعطاها ميزة إضافية هي احتكاكها اليومي والمباشر بفئات عديدة من المجتمع وفهم حاجاتهم الدقيقة. 


كان تعليقي على جوابها هو : " إذا وجود أشخاص غير الرجال الشبان التقليديين القادرين جسديا سيعود بالنفع على العمل بزيادة الدخل والأرباح ؟  إذا ، الموضوع رأسمالي ؟ " 


وهذا أيضاً كان يتعلق بالنقاش الذي حصل على المسرح من قبل، أن ما يتحكم في القرارات الخاصة بالشركات والأعمال في قطاع التقنية والاتصالات هو في النهاية الدخل والأرباح، وأن استخدام هذه الزاوية هو فقط ما سيحدث التغيير. 


جواب لورديز :

" بالنهاية نعم الموضوع رأسمالي، وبالعودة إلى نقطة الرأسمالية، فإن الأعمال التي توجد فيها سيدات في مناصب قيادية تبلو بلاء حسنا أفضل حتى من الأعمال التي ليس فيها سيدات في المناصب القيادية. وتوجد دراسات عدة بنفس النتيجة، هذه حقيقة مدروسة وهناك  فرق في النتيجة النهائية" 


لم أكن أريد الخوض في تفاصيل صعوبات دخول المرأة لمجال التقنية والاتصالات. فهذا الموضوع قُتِل بحثاً. لذا قفزت إلى سؤال آخر .. سألتها : " هل يمكن للقرارات الحكومية والسياسات ووضعها نسبة معينة مفروضة على الشركات بتوظيف السيدات، أن تساعد ؟ " 


وكان جوابها الذي لم أتوقعه هو : " نعم، على الأقل في البداية، فالسيدات يحتجن لدفعة إلى الأعلى تيسر عليهن دخول المجال. فالأمر ليس في نقص المواهب ولكن في التعرف عليهن وإيجادهن وإعطائهن الفرصة" 

هي أكملت أيضا بأنها تعمل في منظمة نسبة السيدات اللاتي يعملن بها أكبر من الرجال والآن بدأت المنظمة بتوظيف رجال أكثر لتحقيق التوازن. وذكرت مثالا على شابة مصرية لامعة وجدت فرصتها بسبب عمل أسسته سيدة أخرى مما أعطاها الفرصة لتقود الفريق وتتطور والآن هي في دبي وتعمل في شركة للذكاء الاصطناعي، وذكرت أيضا أن الصعوبات ليست فقط في دخول المجال ولكن توجد أخرى، وقد يساعد أيضا وجود الإرشاد للإناث في العمل ووجود رعاة لهن للتأكد من كون البيئة مناسبة. 


لم أتوقع الجواب المتحمس هذا، كنت أتوقع أن تكون مترددة وتقول ربما في البداية فقط، وقد يبدو هذا الأمر غير عادل .. الخ من الإجابات الخجولة. فهذا ما اعتدت سماعه عادة، وكنت أيضاً أقلب الفكرة في رأسي، هل من العدل أن تُعطى السيدات دفعة للأمام وإجبار الشركات والأعمال على توظيفهن ؟ في بعض الأحيان أراه غير عادل، لكن كلما تذكرت أن الإناث، لمجرد كونهن إناث، تتم عرقلة تقدمهن المهني في عالمنا الواقعي، بسبب الانحيازات المسبقة والتصورات النمطية الخاطئة وثقافة المجتمعات أعود لأرى العدالة في الموضوع. 


بما أننا وصلنا إلى بيئة العمل كان لابد أن أسأل : " ألا ترين أن بيئة العمل الآن ليست مهيئة للسيدات أصلا وخصوصا الأمهات؟" 


جاوبت لورديز : " هذه مشكلة شائعة جدا في كل مكان في العالم، وقد وجدت أن من الأمور التي أحدثت فرقا بحسب ما شاهدته بشكل شخصي. هي الأماكن التي تعطي لكلا الوالدين إجازة أمومة وأبوة متساوية. فالآباء أيضا يمرون مع الأم بمرحلة الحمل والأبوة، وتبين أن الآباء أيضاً يريدون العناية بأطفالهم وقضاء الوقت معهم. لكن لم يُعطوا الفرصة من قبل" 


في وسط ارتباكي لأنني لم أحضّر جيداً للقاء، قلت :" اكتشفنا أن الرجال لديهم مشاعر أيضاً " 

يا ربي … وأنا أسمع التسجيل وددت أن أرجع بالزمن وأزيل محاولة تخفيف الدم هذه .. لكن، من حسن الحظ أن لورديز لطيفة وأخذت النكتة السخيفة وحولتها إلى أمر مهم. انتقلنا بعدها إلى موضوع الذكورية السامة التي توارثها المجتمع وكيف أن تخفيفها يساعد الرجال في أن يكونوا ما يريدونه بالضبط. 

وذكرت هي أن زميلتها حين وضعت طفلها، أخذت فقط أربع أشهر إجازة للأمومة. بينما قضى زوجها تسع أشهر في إجازة الأبوة ليعتني بطفله ويقضي معه وقت أطول. 


وكان من ضمن الإجابة " إعطاء كلا من الرجل والمرأة إجازة عند إنجاب طفل، تقلل من فكرة أن السيدات مكلّفات لرب العمل أكثر من الرجال كونهن يأخذن إجازة أمومة مدفوعة" 


لم أستطع الإثقال عليها أكثر رغم رغبتي بسؤالها عن العديد من التفاصيل. فقد بدأ على المسرح اللقاء التالي الذي كانت تنتظره. 


لورديز منفتحة للتواصل مع أي شخص يحتاج مزيد من المعلومات عن معايير التنمية المستدامة. ومتعاونة ومطلعة. وستجدون في قائمة المراجع طرق التواصل معها. 


شكرا لورديز لوقتك ولطفك وإجاباتك. أتمنى أن تحققي أهدافك وأن تستمر الشركات في احترام معايير التنمية المستدامة. 


وشكرا لكم جميعا لاستماعكم واهتمامكم. 


الحلقات القادمة كانت مع شخص تخصص في برامج تساعد المدمنين على التقنية. ومع آنسة تعمل في مراقبة وفلترة المحتوى في شركة كبرى من منصات التواصل الاجتماعي. وباحث في مجال الألعاب الاكترونية وإدمانها. وباحثين عن أخلاقيات الشركات التقنية. 


انتظرونا. 


المراجع : 


إصدارات وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات - تعزيز مشاركة المرأة 

رابط آخر لنفس الملف 

عن معايير التنمية المستدامة في المجال التقني

حساب لورديز في لنكد إن 

حساب لورديز في تويتر

مقال عن تعزيز مشاركة الإناث في الصناعات الرقمية - من موقع معايير التنمية المستدامة

إبقاء السيدات في الصناعة التقنية - من إصدارات accenture

رابط آخر لنفس الملف 

رابط عن قمة سينك في إثراء




الأربعاء، 24 مارس 2021

بودكاست شسمه : فاصل ونواصل : أنا لست شجاعة












يمكنكم الاستماع للحلقة عبر هذا الرابط أيضا والاشتراك بالقناة على أي من برامجكم المفضلة للبودكاست


"وكأنني تنفست الأسى" - إدجار آلان بو

الإكتئاب مزيل لغشاء رقيق جدا يغلف الحياة .. اسمه الأمل مما يجعلها لا تطاق

لما المكتئب وغير المكتب ينظرون لنفس الشيء .. يشوفون شيئين مختلفين. المكتئب يشوفه بدون الأمل، وبدون الفلتر الرقيق هذا .. يصل الألم كامل.

طيب ليه يظن الناس إن الإكتئاب هو نظارة عدساتها رمادية نلبسها ونفصخها متى ما حبينا.


" شجاعة .. ملهمة .. قوية .. إرادة عظيمة"


كلها صفات من ضمن الكثير من التشجيع الذي وصلني منذ بدأت الحديث عن تجربتي في التعايش مع الإكتئاب. وبين هذه السطور يمكن أن نقرأ اعتبارهم لي (استثناء)


طيب ما هي القاعدة المتوقعة التي كسرتها ؟ أن المريض النفسي والعقلي لا يمكن أن يعيش بيننا. وغالبا خطر أو عاجز.

كيف وصلت هذه الصورة الذهنية للناس ؟


تكوّنت هذه الصورة الذهنية من ترسبات الإعلام والصحافة والفن. اللي كانت تركز على الحالات المتطرفة لأن الحياة العادية مملة لو وجهنا عليها الكاميرا.


واللي يحاولون ينشرون الوعي بالأمراض العقلية عايشين في فقاعتهم .. شوفوا اليوم مثلا .. هذا اجتماع لأشخاص عارفين على الأقل أساسيات معاني كلمات مثل إكتئاب وفصام وهلاوس

لم نخرج من دائرة الراحة الخاصة بنا لتوعية من لم يخطر في باله أنه قد يعيش مع شخص أو يكون هو الشخص المحتاج للعلاج النفسي.

وحتى المحاولات السابقة .. نجحت في ترسيخ بعض الكلمات في مفردات المجتمع .. لكن بطريقة سطحية فوصل الفهم قاصر للأسف


لدرجة أن الناس بدؤا استبدال مفرداتهم الصحيح بمفردات أسماء الأمراض كدليل على المبالغة.

فبدل ما تصف البنت صديقتها المرتبة بأنها منظمة جدا .. صارت تقول .. هي مرة OCD

وبدل أن يقول الفتى أنا زهقان ومليت هاليومين من الروتين صار يقول .. أنا مكتئب



لما بدأت الكتابة عن تجربتي .. كنت أبحث عن أصدقائي المكتئبين .. كنت أحتاج أتبادل معهم وصفات إكمال الحياة .. مثل ما أي شخص يبحث عن طريقة إزالة بقعة مستحيلة ..


وما كان عندي شي أخسره .. ما عندي اسم ولا بريستيج ينجرح لو عرف الناس إن عندي مرض نفسي

ولا عندي وظيفة تتأثر لو تكلمت عنه ..

والأشخاص اللي يهمني رأيهم عبارة عن قائمة صغيرة جدا من الأسماء وجميعهم كنت أعرف إن ردة فعلهم ستكون مقبولة ..


ما صارعت أي شي من أجل الحديث عن مرضي .. ولا كان هدفي نشر الوعي .. مع إن هذا الهدف تغير الآن..

ومو مطلوب من كل مريض أن يتحدث عن تجربته لأنها شي خاص فيه ومشاركتها أو عدم ذلك من حقه ولا تنقص من تقديرنا له.



أنا لست ملهمة .. ولست شجاعة ..


الشجاع الحقيقي .. هو الشخص اللي يدرك إن عنده أشياء كثيرة ممكن يخسرها لو سعى للعلاج من مرضه .. ومع ذلك راح يتعالج.


ولهذا الشخص أنا أقول .. أستمد منك القوة والشجاعة .. ومن أجلك سأستمر بحديث الإكتئاب .. ويوما ما .. ستزول الوصمة


لكل من وصل هنا .. ممتنة لوجودك في الحياة 

الخميس، 21 يناير 2021

بودكاست شسمه ، الحلقة 1: القهوة المختصة




نص الحلقة : 


أهلا وسهلا .. أنا وفاء خالد .. عندي هوس غريب بالتنقيب عن كل وجهات النظر لما أنتبه لشي .. كنت أتفلسف على الناس اللي أعرفهم لكن وقفت تماشيا مع آداب الحديث. راودتني فكرة البودكاست من 2015 لأني ما أحب أصور نفسي وأنشر على سنابتشات أو يوتيوب .. لكن ما كنت متأكدة من اختياره لحد ما شفت بدء انتشار البودكاست في الوسط العربي .. 


لذا .. 


بدأت الآن .. 


أي ملاحظات منكم رح تساعدني بالتحسن. وأي اقتراحات رح أنظر لها بكل اهتمام. ونشركم للبودكاست إذا أعجبكم مطلوب ومقدّر .. 


بودكاستنا اليوم عن القهوة المختصة .. إذا كنت تسكن في السعودية بأي مدينة كبيرة بتلاحظ إنك كل مرة تطلع بتشوف مقهى جديد للقهوة المختصة .. ولما تدخل لأغلبها أول مرة يجيك ديجافو لأنك تلقى أنماط معينة متكررة في المفهوم والخدمة .. إذا كانت ما تقدم جديد بالنسبة لي كزبون، ليه أشوفها في كل مكان وتزيد كأنها بوبكورن ؟ 


قبل كل شي .. خل نتفق على بعض المفاهيم .. ما هي القهوة المختصة ؟ 

أسهل طريقة للوصف قهوة زُرِعت وحمّصت وحضّرت وقيّمت بطريقة مثالية تُظهر خصائص مميزة لكل محصول. 

تقدر تشوفها مثل شعلة الأولمبياد كل واحد من هؤلاء يعامل المنتج بأفضل وأحدث الطرق العلمية لحد ما توصل لكوبك.

ليست جميع محاصيل القهوة تأخذ مرتبة (المختصة) إذ أن الشرط كي يطلق عليها هذا اللقب هو أن تحصل على تقييم 80 من 100 من قبل speciality coffee association .. والذي تأسس سنة 1982


يستعير المقيمون اللي عددهم فوق 3500 عالميا من عالم الخمور مصطلحاتهم في التقييم. _هذا ليس مستغربا وسنعود لذلك فيما بعد؛ أهمية هذا التقييم هي التأكد من أن المُزارع يكافأ بقيمة عادلة لتعبه طوال العام في توفير البيئة المثالية للشجرة كي تصل القهوة بجودة عالية. 


على طاري المزارعين.. خل نتكلم عن الشجرة شوي.. أغلب المعروض في السوق من القهوة يعود لواحد من هذين النوعين: 

روبوستا : وهي النوع الأقوى والتي تحتمل الحرارة أكثر من أختها. وفيها كمية كافيين أعلى وبذلك لها طعم أقوى. 

والأرابيكا : دلوعة أكثر من الروبوستا. وتحتاج بيئة تعتبر أصعب عناية قليلا مما يرفع من سعرها، كمية الكافيين فيها أقل من الأخرى ولكن الطعم لا يختلف عليه اثنان.

أغلب القهوة التجارية كانت تعتمد على خلط هذين النوعين لإيجاد توازن بين الطعم والسعر وكمية الكافيين. وتستخدم تحميص غامق جدا لتوحيد النكهة بين كل المزارع المختلفة التي تشتري منها محاصيلها. 



شجرة القهوة تنبت في المرتفعات غالبا وتحب الأجواء التي تميل إلى البرودة. كانت الطريقة الصناعية لإنتاج كميات كبيرة منها هي زراعة الأرض العالية بشجرة القهوة فقط وتغذية الأرض بأسمدة ومعادن كيميائية .. ومحاربة الآفات بنفس الطريقة. 

الكمية التي تنتج بهذه الطريقة ليست سيئة لكنها ليست مميزة وكميتها كبيرة. رغم أن المزرعة قد تبدو مرتبة وجميلة بصفوفها الموحدة الخضراء، إلا أنها تعتبر صحراء بيئية. 

أي لا تنمو فيها الأشجار كما هي بطبيعتها ولا تشجع التلقيح الطبيعي بواسطة الحشرات والطيور والخفافيش .. وهذه مشكلة لأن الحشرات تجذب الطيور التي تقضي على آفة في النهار والخفافيش التي تقضي عليها في الليل .. كما أن الطيور لا تفضل أن تعيش في مثل هذه المزارع. بالإضافة إلى ذلك فإن الأرض تستهلك الكثير من المواد المطلوبة لإنتاج القهوة ولا يوجد مصدر آخر لإثراء التربة غير إضافتها يدويا وبمواد مصنّعة. لذلك لا يستطيع أن ينتج القهوة بهذه الطريقة إلا الشركات الكبيرة أو المزارعين الكبار بميزانيات ضخمة تحتمل الخسارة في حال أتت أي آفة إلى المحصول.

أما المزارع الصغير فلا يمكن أن يستمر بهذه الطريقة في الزراعة لأن آفة واحدة قد تقضي على المحصول كاملا مما يعني أن تعبه طوال العام لن يعود عليه بالمردود المطلوب كي يعيش بكرامة ويستمر في زراعة القهوة مرة أخرى. لهذا تجد أغلب المزارعين الصغار يستخدمون طريقة مختلفة. وهي تقليد بيئة الغابة وزراعة أشجار كبيرة بين أشجار القهوة لتظليلها وتقليل درجة الحرارة الواقعة عليها. هذه الأشجار الظليلة غالبا تكون مثمرة كي يستطيع المزارع بيع محصولها وزيادة دخله أو تعويض خسارته في حال فشل محصول القهوة. ومن مزايا هذه الطريقة أنها تجذب الكثير من الفصائل الحية المفيدة من الحشرات والطيور. فلا يعود المزارع محتاجا للتلقيح اليدوي ويركز المزيد من الجهود ليساعد الأرض على تعويض ما فقدته بطريقة طبيعية. هذه الطريقة تنتج كمية أقل من القهوة كمحصول. لكنها تظل مكلفة جدا بالنسبة للمزارع الصغير.


لما كنت صغيرة كانت أمي تحذرني من وضع علبة القهوة في دولاب البهارات قائلة : " القهوة دلوعة وتاخذ ريحة أي شي جنبها.. خليها لحالها" .. وتعلمت بالتجربة أن معاندة هذه القاعدة تعني قهوة بنكهة البرياني. 

القهوة تمتص الروائح والنكهات من حولها وهذه الصفة تعطي للزراعة التقليدية ميزة إنتاج قهوة بنكهات فواكة مختلفة بحسب أنواع الشجر الظليل المثمر الذي يزرع حولها. 

أصبحت هذه المزارع الصغيرة تُنتج قهوة برائحة التوت أو بنكهة حمضيات وماشابهها. و للحفاظ على هذه النكهات المميزة أصبح المختصون بالتحميص يستكشفون طرق جديدة لتحضيرها دون المساس بهذه النكهات الجانبية المميزة. ومن هنا بدأ تقييم القهوة يتشابه مع التقييم الخاص بالخمور ..

على الطاري.. 


تدرون إن القهوة حُرّمت ومُنعت في العالم الإسلامي لفترة؟ وخاصة في مكة المكرمة .. وكان النقاش في حلها وحرمتها يطول ويزيد بين العلماء والسلاطين .. فحينا تُمنع وأخرى تُحل. 

بينما حرّمت السلطات الدينية في أوروبا القهوة لأنها مشروب المسلمين.. بعد انتشارها وانتشار المقاهي فيها أصبحت مكانا بديلا عن الخمارات التي كانوا يرتادونها للنقاش .. فأصبحت النقاشات تدار بعقل غير مغيّب بتأثير الخمر. وأصبحت القهوة رمزا للأماكن الثقافية ونقاشات الفلسفة.. حتى وصل بالبعض أن يزعم أن لولا انتشار القهوة في أوروبا لما قامت الثورات فيها وتغيرت الحكومات.


ومن أسباب حرمتها عند المسلمين في بعض الأزمان أن بيوت القهوة كانت مكانا يجتمع به الرجال والنساء وبينهم دف ورباب وألعاب الملاهي التي يكون عليها الرهان مثل الشطرنج (التي حُرّمت أيضا في فترة ما) .. 

يذكركم الوصف بشيء ؟ أيييووووة .. المقاهي الحالية بالموسيقى العالية والشريحة المستهدفة من الشباب والشابات صغار السن. حتى أنني سمعت إشاعة أن بعض أصحاب المقاهي الجديدة يستأجرون فتاة جميلة مهمتها الوحيدة أن تتزين وتأتي للمقهى لتمثل دور الزبونة.. حيث أن هذه هي الشريحة المستهدفة ويريدون استقطاب من هم في عمرها واهتماماتها.. 

على فكرة هذا مو شي غريب في أساليب التسويق، وإذا كنت تعمل في مكان فيه صندوق للبقشيش أول ما يجب أن تفعله أن تضع بضع ريالات في الصندوق قبل وصول الزبائن. وجود هذه الأموال في الصندوق يؤكد للناس أن هناك من يفعل هذا وأنه مستحب ولطيف حيث يجعله يشعر بالضغط لأن يفعل مثلهم وإلا كانت نظرة الباريستا له كشخص بخيل. 


طيب ماذا بعد الزراعة والمعالجة والتحميص ؟ 


التحضير 


هنا بدأ الباريستا بالتفنن واستخدام العلوم من رياضيات وفيزياء وكيمياء وحتى الهندسة لابتكار أفضل الطرق لاستخلاص النكهة المطلوبة من كل محصول. فبعض النكهات تظهر بشكل أفضل بطرق تحضير مختلفة. 


على فكرة .. معنى الباريستا الحرفي هو من يعمل من خلف بار أي طاولة عالية لتقديم المشروبات. وهي كلمة إيطالية عامة لجميع العاملين في تقديم المشروبات مثل الخمور والقهوة .. 

لكنها أصبحت تعني القهوجي بعد سنة 1982


طيب إذا كانت القهوة المختصة تصنع بكميات قليلة وسعر غالي,وتُعامل كبضاعة فنية وليس مجرد سلعة عادية .. هذا يعني أن من يستهلكونها سيكونون قلة مقارنة بالمقاهي الأخرى.. صح ؟ 

إذا لماذا نجد المقاهي المختصة تزيد بشكل متسارع ؟ وشاربي القهوة المختصة يكثرون ؟ 


نحن نعيش الآن الموجة الثالثة من موضات القهوة. وهذا هو الاسم الأنيق لكلمة "هبّة" الدارجة .. 


لازلت أتذكر صديق والدي الذي كان يهدينا البن الأخضر بعد أن يعود من زيارة أهله في جنوب المملكة ونقوم بتحميصه في المنزل حتى تصبح القهوة شقراء بكميات قليلة ثم نحضّرها بطريقتنا التقليدية مبهّرة بالزعفران والهيل. 


كانت هذه هي الطريقة المعتادة للقهوة في أغلب أنحاء العالم. ثم أصبحت تحمص في المصانع وتحضر في المنازل وكل ثقافة لها طريقتها.


ثم اخترع رجل فرنسي اسمه ألفونس آلي Alphonse Allais فكرة القهوة الفورية التي تصنع مباشرة بإضافة الماء سنة 1881 ميلادية.. لم تلق قهوته رواجا كبيرا ولكن عادوا لهذه الفكرة في الحرب الأهلية الأمريكية. لأن فكرة مشروب ساخن سهل التحضير وسهل الحمل كانت ممتازة. رغم أن المسحوق الذي وزّع على الجنود كان مخلوطا بالحليب المجفف والسكر. إلا أنه كان سيئ النكهة فتوقف إنتاجه. 

ثم عادت الفكرة إلى الظهور مرة أخرى بعد تحسن طريقة إنتاج القهوة الفورية وسريعة التحضير .. وكانت الموجة الأولى من موضات القهوة التي تركز على إخراج تحميص القهوة من المنازل والتركيز على السهولة والسرعة والكميات الكبيرة وتوفرها في كل مكان. لم يكن التركيز منصبا على نوع الشجرة أو منشأها هنا. 

ومن الشركات الرائدة في هذه الموجة كانت Folger و Maxwell House. 

استمرت هذه الموجة من الفترة 1850 تقريبا حتى 1966 لما نشأت سلسلة مقاهي Peet's في أميركا. وبدأت ثقافة القهوة الجديدة في الموجة الثانية بالتركيز على بن الأرابيكا والمشروبات الخاصة بالمقاهي. والنكهات الجديدة المضافة للقهوة. والشركة التي نشرت هذه الموجة في العالم هي ستاربكس وكوستا. 

الموجة الثالثة التي نرى الآن بدء انتشارها في مجتمعنا بدأت في بدايات التسعينات في أميركا خاصة. أعادت مقاهي مثل Intelligentsia و Stumptown و Counter Culture التفكير بصناعة القهوة جميعها وفي كل مراحلها حتى تصل إلى الكوب. وركزت هذه الموجة الجديدة على حب جيل الألفية للقصص في التسويق. فاستغلت ثقافة التجارة العادلة ومصادر القهوة وطريقة الزراعة والكميات القليلة لتغرس تميزها في ذهن المستهلك وولائه. 



أصدقاء الشاي الأحبة .. ترى ما نسيتكم .. 

يضحكني دوما سماع أصحاب حزب الشاي وهم يتكلمون عن تعقيد أصحاب حزب القهوة وادعاءات الثقافة والبورجوازية .. في مقابل أن الشاي هو مشروب الناس البسيطة والمتواضعة والطبقة الكادحة .. 

للشاي أكثر من 100 نوع .. دون أن نحسب الأنواع المخلوطة بالفواكه والبهارات .. والتي تندرج تحت الأبيض والأخضر والأحمر والأسود .. والتي لكل لون منها عدد مرات تخمير وطريق تجفيف مختلفة .. دون أن نتكلم عن الماتشا حتى الآن.. 


كما أن تاريخ الشاي بدأ عند الطبقة البرجوازية مع امبراطور الصين .. واستمر مشروبا للطبقة المخملية فترة طويلة من التاريخ. فنقلته كاثرين زوجة الملك البريطاني تشارلز الثاني من بلدها البرتغال إلى بريطانيا. وانتشرت ثقافة شرب الشاي وتقاليده في الطبقة المخملية البريطانية والتي نقلته إلى العالم بعد الاستعمار وشنت حرب الأفيون على الصين كي تجبرها للرضوخ وبيع الشاي لها. 

كما أنها سرقت الشجرة من الصين ونقلت زراعته إلى مستعمراتها في سيلان وسوّقت للشاي السيلاني على أنه الأفضل والأجود والأصل. وكانت بعض الشعوب كطريقة سياسية قوية تقاطع الشاي للتخلص من مظاهر الإمبريالية البريطانية 


وتقاليد الشاي الإنجليزية و صالوناتها الخاصة تعتبر في قمة البساطة حين مقارنتها بالتقاليد الخاصة في بلاد الشاي الأصلية. فمن ينسى أن لتقاليد الشاي دورات تعليميه للمقبلات على الزواج وللاتي يرغبن بالعمل ك (قيشا) في اليابان. 

ومن ينسى النقاشات الحادة أحيانا التي تحصل بين أفراد العائلة الواحدة عن نوعية الشاي المستخدم وكميته ومدة نقعه ودرجة لونه والإضافات من زعفران وغيره أو عدمها.. أو حتى نوع الوقود من فحم أم خشب .. ولا ننسى بالطبع النقاشات على نوع الماء المناسب.. 

وإضافة الحليب قبل أو بعد الشاي .. 


يعود الأمر في النهاية إلى 

لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع .. وهذه السلع لكل اختلاف فيها أناس تناسبهم. والإنكار على الناس من أجل أمر شخصي وذوقي جدا مثل إضافة السكر أو الحليب أو اختيار المحصول أو حتى المكان الذي يفضله ليشتري منه هذا المشروب ووضع قواعد وقوالب لشيء سائل ومتحرك ومرن مثل المشروب الشخصي شيء لا يحتمل كل هذا. 


ما هي توقعاتكم للموجة الرابعة في القهوة ؟ 

ومتى ستحصل لنا موضة الشاي المختص .. والتي انتشرت في الغرب لفترة طويلة وعادت مؤخرا للانتشار بطريقة "مختصة" ؟ 




معلومات جانبية :




معنى كلمة القهوة بالعربية : مأخوذة من كلمة قهى أي صد عن الطعام. وسميت كذلك لأنها تقهي شاربها عن الطعام. فلا يشتهِ أن يأكل وهو كذلك من الأسماء التي تطلق على الخمر. 


انتشار القهوة في العالم يعود لتهريب الشجرة من اليمن إلى اندونيسيا بواسطة التجار الهولندين وزراعتها في مستعمراتهم في جزيرة جافا. ومن هنا يأتي اسم جافا الذي يطلق على القهوة بالعموم 


سبب تهريب التجار الهولنديين النبتة كان منع العثمانيين زراعتها وتصديرها دون معالجة البذور للحفاظ على سعرها والاحتكار. 


اسم موكا نسبة لميناء موخا في اليمن والذي كانت تصدر منه القهوة.


طريقة صنع القهوة الفورية مختلفة ولها عدة براءات اختراع. لكنها جميعها تعتمد على البن المحمص والمطحون واستخراج النكهات منه بالماء الساخن . ثم تجفيف هذه الخلاصة بطرق مختلفة.

مراجع استندت عليها الحلقة : 




قولوا لنا آراءكم وشاركونا 



تويتر 






انستاقرام 




الايميل 





رسالة للشخص المميز الذي وصل هنا: 

" ممتنة لوجودك في الحياة"