نص الحلقة :
أهلا وسهلا .. أنا وفاء خالد .. عندي هوس غريب بالتنقيب عن كل وجهات النظر لما أنتبه لشي .. كنت أتفلسف على الناس اللي أعرفهم لكن وقفت تماشيا مع آداب الحديث. راودتني فكرة البودكاست من 2015 لأني ما أحب أصور نفسي وأنشر على سنابتشات أو يوتيوب .. لكن ما كنت متأكدة من اختياره لحد ما شفت بدء انتشار البودكاست في الوسط العربي ..
لذا ..
بدأت الآن ..
أي ملاحظات منكم رح تساعدني بالتحسن. وأي اقتراحات رح أنظر لها بكل اهتمام. ونشركم للبودكاست إذا أعجبكم مطلوب ومقدّر ..
بودكاستنا اليوم عن القهوة المختصة .. إذا كنت تسكن في السعودية بأي مدينة كبيرة بتلاحظ إنك كل مرة تطلع بتشوف مقهى جديد للقهوة المختصة .. ولما تدخل لأغلبها أول مرة يجيك ديجافو لأنك تلقى أنماط معينة متكررة في المفهوم والخدمة .. إذا كانت ما تقدم جديد بالنسبة لي كزبون، ليه أشوفها في كل مكان وتزيد كأنها بوبكورن ؟
قبل كل شي .. خل نتفق على بعض المفاهيم .. ما هي القهوة المختصة ؟
أسهل طريقة للوصف قهوة زُرِعت وحمّصت وحضّرت وقيّمت بطريقة مثالية تُظهر خصائص مميزة لكل محصول.
تقدر تشوفها مثل شعلة الأولمبياد كل واحد من هؤلاء يعامل المنتج بأفضل وأحدث الطرق العلمية لحد ما توصل لكوبك.
ليست جميع محاصيل القهوة تأخذ مرتبة (المختصة) إذ أن الشرط كي يطلق عليها هذا اللقب هو أن تحصل على تقييم 80 من 100 من قبل speciality coffee association .. والذي تأسس سنة 1982
يستعير المقيمون اللي عددهم فوق 3500 عالميا من عالم الخمور مصطلحاتهم في التقييم. _هذا ليس مستغربا وسنعود لذلك فيما بعد؛ أهمية هذا التقييم هي التأكد من أن المُزارع يكافأ بقيمة عادلة لتعبه طوال العام في توفير البيئة المثالية للشجرة كي تصل القهوة بجودة عالية.
على طاري المزارعين.. خل نتكلم عن الشجرة شوي.. أغلب المعروض في السوق من القهوة يعود لواحد من هذين النوعين:
روبوستا : وهي النوع الأقوى والتي تحتمل الحرارة أكثر من أختها. وفيها كمية كافيين أعلى وبذلك لها طعم أقوى.
والأرابيكا : دلوعة أكثر من الروبوستا. وتحتاج بيئة تعتبر أصعب عناية قليلا مما يرفع من سعرها، كمية الكافيين فيها أقل من الأخرى ولكن الطعم لا يختلف عليه اثنان.
أغلب القهوة التجارية كانت تعتمد على خلط هذين النوعين لإيجاد توازن بين الطعم والسعر وكمية الكافيين. وتستخدم تحميص غامق جدا لتوحيد النكهة بين كل المزارع المختلفة التي تشتري منها محاصيلها.
شجرة القهوة تنبت في المرتفعات غالبا وتحب الأجواء التي تميل إلى البرودة. كانت الطريقة الصناعية لإنتاج كميات كبيرة منها هي زراعة الأرض العالية بشجرة القهوة فقط وتغذية الأرض بأسمدة ومعادن كيميائية .. ومحاربة الآفات بنفس الطريقة.
الكمية التي تنتج بهذه الطريقة ليست سيئة لكنها ليست مميزة وكميتها كبيرة. رغم أن المزرعة قد تبدو مرتبة وجميلة بصفوفها الموحدة الخضراء، إلا أنها تعتبر صحراء بيئية.
أي لا تنمو فيها الأشجار كما هي بطبيعتها ولا تشجع التلقيح الطبيعي بواسطة الحشرات والطيور والخفافيش .. وهذه مشكلة لأن الحشرات تجذب الطيور التي تقضي على آفة في النهار والخفافيش التي تقضي عليها في الليل .. كما أن الطيور لا تفضل أن تعيش في مثل هذه المزارع. بالإضافة إلى ذلك فإن الأرض تستهلك الكثير من المواد المطلوبة لإنتاج القهوة ولا يوجد مصدر آخر لإثراء التربة غير إضافتها يدويا وبمواد مصنّعة. لذلك لا يستطيع أن ينتج القهوة بهذه الطريقة إلا الشركات الكبيرة أو المزارعين الكبار بميزانيات ضخمة تحتمل الخسارة في حال أتت أي آفة إلى المحصول.
أما المزارع الصغير فلا يمكن أن يستمر بهذه الطريقة في الزراعة لأن آفة واحدة قد تقضي على المحصول كاملا مما يعني أن تعبه طوال العام لن يعود عليه بالمردود المطلوب كي يعيش بكرامة ويستمر في زراعة القهوة مرة أخرى. لهذا تجد أغلب المزارعين الصغار يستخدمون طريقة مختلفة. وهي تقليد بيئة الغابة وزراعة أشجار كبيرة بين أشجار القهوة لتظليلها وتقليل درجة الحرارة الواقعة عليها. هذه الأشجار الظليلة غالبا تكون مثمرة كي يستطيع المزارع بيع محصولها وزيادة دخله أو تعويض خسارته في حال فشل محصول القهوة. ومن مزايا هذه الطريقة أنها تجذب الكثير من الفصائل الحية المفيدة من الحشرات والطيور. فلا يعود المزارع محتاجا للتلقيح اليدوي ويركز المزيد من الجهود ليساعد الأرض على تعويض ما فقدته بطريقة طبيعية. هذه الطريقة تنتج كمية أقل من القهوة كمحصول. لكنها تظل مكلفة جدا بالنسبة للمزارع الصغير.
لما كنت صغيرة كانت أمي تحذرني من وضع علبة القهوة في دولاب البهارات قائلة : " القهوة دلوعة وتاخذ ريحة أي شي جنبها.. خليها لحالها" .. وتعلمت بالتجربة أن معاندة هذه القاعدة تعني قهوة بنكهة البرياني.
القهوة تمتص الروائح والنكهات من حولها وهذه الصفة تعطي للزراعة التقليدية ميزة إنتاج قهوة بنكهات فواكة مختلفة بحسب أنواع الشجر الظليل المثمر الذي يزرع حولها.
أصبحت هذه المزارع الصغيرة تُنتج قهوة برائحة التوت أو بنكهة حمضيات وماشابهها. و للحفاظ على هذه النكهات المميزة أصبح المختصون بالتحميص يستكشفون طرق جديدة لتحضيرها دون المساس بهذه النكهات الجانبية المميزة. ومن هنا بدأ تقييم القهوة يتشابه مع التقييم الخاص بالخمور ..
على الطاري..
تدرون إن القهوة حُرّمت ومُنعت في العالم الإسلامي لفترة؟ وخاصة في مكة المكرمة .. وكان النقاش في حلها وحرمتها يطول ويزيد بين العلماء والسلاطين .. فحينا تُمنع وأخرى تُحل.
بينما حرّمت السلطات الدينية في أوروبا القهوة لأنها مشروب المسلمين.. بعد انتشارها وانتشار المقاهي فيها أصبحت مكانا بديلا عن الخمارات التي كانوا يرتادونها للنقاش .. فأصبحت النقاشات تدار بعقل غير مغيّب بتأثير الخمر. وأصبحت القهوة رمزا للأماكن الثقافية ونقاشات الفلسفة.. حتى وصل بالبعض أن يزعم أن لولا انتشار القهوة في أوروبا لما قامت الثورات فيها وتغيرت الحكومات.
ومن أسباب حرمتها عند المسلمين في بعض الأزمان أن بيوت القهوة كانت مكانا يجتمع به الرجال والنساء وبينهم دف ورباب وألعاب الملاهي التي يكون عليها الرهان مثل الشطرنج (التي حُرّمت أيضا في فترة ما) ..
يذكركم الوصف بشيء ؟ أيييووووة .. المقاهي الحالية بالموسيقى العالية والشريحة المستهدفة من الشباب والشابات صغار السن. حتى أنني سمعت إشاعة أن بعض أصحاب المقاهي الجديدة يستأجرون فتاة جميلة مهمتها الوحيدة أن تتزين وتأتي للمقهى لتمثل دور الزبونة.. حيث أن هذه هي الشريحة المستهدفة ويريدون استقطاب من هم في عمرها واهتماماتها..
على فكرة هذا مو شي غريب في أساليب التسويق، وإذا كنت تعمل في مكان فيه صندوق للبقشيش أول ما يجب أن تفعله أن تضع بضع ريالات في الصندوق قبل وصول الزبائن. وجود هذه الأموال في الصندوق يؤكد للناس أن هناك من يفعل هذا وأنه مستحب ولطيف حيث يجعله يشعر بالضغط لأن يفعل مثلهم وإلا كانت نظرة الباريستا له كشخص بخيل.
طيب ماذا بعد الزراعة والمعالجة والتحميص ؟
التحضير
هنا بدأ الباريستا بالتفنن واستخدام العلوم من رياضيات وفيزياء وكيمياء وحتى الهندسة لابتكار أفضل الطرق لاستخلاص النكهة المطلوبة من كل محصول. فبعض النكهات تظهر بشكل أفضل بطرق تحضير مختلفة.
على فكرة .. معنى الباريستا الحرفي هو من يعمل من خلف بار أي طاولة عالية لتقديم المشروبات. وهي كلمة إيطالية عامة لجميع العاملين في تقديم المشروبات مثل الخمور والقهوة ..
لكنها أصبحت تعني القهوجي بعد سنة 1982
طيب إذا كانت القهوة المختصة تصنع بكميات قليلة وسعر غالي,وتُعامل كبضاعة فنية وليس مجرد سلعة عادية .. هذا يعني أن من يستهلكونها سيكونون قلة مقارنة بالمقاهي الأخرى.. صح ؟
إذا لماذا نجد المقاهي المختصة تزيد بشكل متسارع ؟ وشاربي القهوة المختصة يكثرون ؟
نحن نعيش الآن الموجة الثالثة من موضات القهوة. وهذا هو الاسم الأنيق لكلمة "هبّة" الدارجة ..
لازلت أتذكر صديق والدي الذي كان يهدينا البن الأخضر بعد أن يعود من زيارة أهله في جنوب المملكة ونقوم بتحميصه في المنزل حتى تصبح القهوة شقراء بكميات قليلة ثم نحضّرها بطريقتنا التقليدية مبهّرة بالزعفران والهيل.
كانت هذه هي الطريقة المعتادة للقهوة في أغلب أنحاء العالم. ثم أصبحت تحمص في المصانع وتحضر في المنازل وكل ثقافة لها طريقتها.
ثم اخترع رجل فرنسي اسمه ألفونس آلي Alphonse Allais فكرة القهوة الفورية التي تصنع مباشرة بإضافة الماء سنة 1881 ميلادية.. لم تلق قهوته رواجا كبيرا ولكن عادوا لهذه الفكرة في الحرب الأهلية الأمريكية. لأن فكرة مشروب ساخن سهل التحضير وسهل الحمل كانت ممتازة. رغم أن المسحوق الذي وزّع على الجنود كان مخلوطا بالحليب المجفف والسكر. إلا أنه كان سيئ النكهة فتوقف إنتاجه.
ثم عادت الفكرة إلى الظهور مرة أخرى بعد تحسن طريقة إنتاج القهوة الفورية وسريعة التحضير .. وكانت الموجة الأولى من موضات القهوة التي تركز على إخراج تحميص القهوة من المنازل والتركيز على السهولة والسرعة والكميات الكبيرة وتوفرها في كل مكان. لم يكن التركيز منصبا على نوع الشجرة أو منشأها هنا.
ومن الشركات الرائدة في هذه الموجة كانت Folger و Maxwell House.
استمرت هذه الموجة من الفترة 1850 تقريبا حتى 1966 لما نشأت سلسلة مقاهي Peet's في أميركا. وبدأت ثقافة القهوة الجديدة في الموجة الثانية بالتركيز على بن الأرابيكا والمشروبات الخاصة بالمقاهي. والنكهات الجديدة المضافة للقهوة. والشركة التي نشرت هذه الموجة في العالم هي ستاربكس وكوستا.
الموجة الثالثة التي نرى الآن بدء انتشارها في مجتمعنا بدأت في بدايات التسعينات في أميركا خاصة. أعادت مقاهي مثل Intelligentsia و Stumptown و Counter Culture التفكير بصناعة القهوة جميعها وفي كل مراحلها حتى تصل إلى الكوب. وركزت هذه الموجة الجديدة على حب جيل الألفية للقصص في التسويق. فاستغلت ثقافة التجارة العادلة ومصادر القهوة وطريقة الزراعة والكميات القليلة لتغرس تميزها في ذهن المستهلك وولائه.
أصدقاء الشاي الأحبة .. ترى ما نسيتكم ..
يضحكني دوما سماع أصحاب حزب الشاي وهم يتكلمون عن تعقيد أصحاب حزب القهوة وادعاءات الثقافة والبورجوازية .. في مقابل أن الشاي هو مشروب الناس البسيطة والمتواضعة والطبقة الكادحة ..
للشاي أكثر من 100 نوع .. دون أن نحسب الأنواع المخلوطة بالفواكه والبهارات .. والتي تندرج تحت الأبيض والأخضر والأحمر والأسود .. والتي لكل لون منها عدد مرات تخمير وطريق تجفيف مختلفة .. دون أن نتكلم عن الماتشا حتى الآن..
كما أن تاريخ الشاي بدأ عند الطبقة البرجوازية مع امبراطور الصين .. واستمر مشروبا للطبقة المخملية فترة طويلة من التاريخ. فنقلته كاثرين زوجة الملك البريطاني تشارلز الثاني من بلدها البرتغال إلى بريطانيا. وانتشرت ثقافة شرب الشاي وتقاليده في الطبقة المخملية البريطانية والتي نقلته إلى العالم بعد الاستعمار وشنت حرب الأفيون على الصين كي تجبرها للرضوخ وبيع الشاي لها.
كما أنها سرقت الشجرة من الصين ونقلت زراعته إلى مستعمراتها في سيلان وسوّقت للشاي السيلاني على أنه الأفضل والأجود والأصل. وكانت بعض الشعوب كطريقة سياسية قوية تقاطع الشاي للتخلص من مظاهر الإمبريالية البريطانية
وتقاليد الشاي الإنجليزية و صالوناتها الخاصة تعتبر في قمة البساطة حين مقارنتها بالتقاليد الخاصة في بلاد الشاي الأصلية. فمن ينسى أن لتقاليد الشاي دورات تعليميه للمقبلات على الزواج وللاتي يرغبن بالعمل ك (قيشا) في اليابان.
ومن ينسى النقاشات الحادة أحيانا التي تحصل بين أفراد العائلة الواحدة عن نوعية الشاي المستخدم وكميته ومدة نقعه ودرجة لونه والإضافات من زعفران وغيره أو عدمها.. أو حتى نوع الوقود من فحم أم خشب .. ولا ننسى بالطبع النقاشات على نوع الماء المناسب..
وإضافة الحليب قبل أو بعد الشاي ..
يعود الأمر في النهاية إلى
لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع .. وهذه السلع لكل اختلاف فيها أناس تناسبهم. والإنكار على الناس من أجل أمر شخصي وذوقي جدا مثل إضافة السكر أو الحليب أو اختيار المحصول أو حتى المكان الذي يفضله ليشتري منه هذا المشروب ووضع قواعد وقوالب لشيء سائل ومتحرك ومرن مثل المشروب الشخصي شيء لا يحتمل كل هذا.
ما هي توقعاتكم للموجة الرابعة في القهوة ؟
ومتى ستحصل لنا موضة الشاي المختص .. والتي انتشرت في الغرب لفترة طويلة وعادت مؤخرا للانتشار بطريقة "مختصة" ؟
معلومات جانبية :
معنى كلمة القهوة بالعربية : مأخوذة من كلمة قهى أي صد عن الطعام. وسميت كذلك لأنها تقهي شاربها عن الطعام. فلا يشتهِ أن يأكل وهو كذلك من الأسماء التي تطلق على الخمر.
انتشار القهوة في العالم يعود لتهريب الشجرة من اليمن إلى اندونيسيا بواسطة التجار الهولندين وزراعتها في مستعمراتهم في جزيرة جافا. ومن هنا يأتي اسم جافا الذي يطلق على القهوة بالعموم
سبب تهريب التجار الهولنديين النبتة كان منع العثمانيين زراعتها وتصديرها دون معالجة البذور للحفاظ على سعرها والاحتكار.
اسم موكا نسبة لميناء موخا في اليمن والذي كانت تصدر منه القهوة.
طريقة صنع القهوة الفورية مختلفة ولها عدة براءات اختراع. لكنها جميعها تعتمد على البن المحمص والمطحون واستخراج النكهات منه بالماء الساخن . ثم تجفيف هذه الخلاصة بطرق مختلفة.
مراجع استندت عليها الحلقة :
كتب :
كتاب : عمدة الصفوة في حل القهوة
A History of the World in 6 Glasses
The Tea Enthusiast's Handbook: A Guide to the World's Best Teas
Coffee: A Comprehensive Guide to the Bean, the Beverage, and the Industry
حلقات بودكاست :
The Art of Specialty Coffee with Ryan Godinho (06.09.2018)
#19: The Science of Coffee Freshness
E128 | Coffee Myths: There is Super Specialty Coffee in California
What is Specialty Coffee? (RR02)
Specialty coffee origin stories!
سالفة بزنس القهوة المختصة
مواقع :
ملف pdf عن معايير القهوة المعتمدة
قولوا لنا آراءكم وشاركونا
تويتر
انستاقرام
الايميل
رسالة للشخص المميز الذي وصل هنا:
" ممتنة لوجودك في الحياة"