‏إظهار الرسائل ذات التسميات عمل من المنزل. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات عمل من المنزل. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 26 أغسطس 2021

اقتربت من إكمال الشهر السادس في العمل عن قُرب، إلى أين أسير ؟


 هذه تكلمة لتدوينة سابقة عن انطباعي وما تعلمته بعد العمل عن بعد لـ 12 عام ثم الانتقال للعمل الحضوري. لقراءتها اضغط الرابط


نظرت للتاريخ وانتبهت أنني اقتربت من إكمال شهري السادس في الوظيفة ! وكأنني كنت في المقابلة الوظيفية بالأمس!

عرفت أنه لابد لي من التوقف قليلاً والمراجعة الآن. فهل هذا طريق أريد إكماله ؟ 

لازالت بعض الصعوبات في التكيف موجودة لكن الكثير تحسّن. من الأمور التي تحسنت هي قلقي الاجتماعي، فلي ست زميلات في القسم النسائي ورغم أننا نعمل في إدارات مختلفة إلا أن التعاون بيننا عظيم. وبيئة المكتب مريحة جداً ومحترمة. سأكمل ست أشهر دون أن أسمع نميمة واحدة ولله الحمد. وحتى الحديث بطريقة سلبية عن العمل غير محبذ ويوضع له حد دائماً. وطريقة احتوائهن الدائم لمشاعر بعضهن عندما يزيد ضغط العمل ممتازة وحنونة. فريق حقيقي لم أعمل مع مثله إلا نادراً. تعرفي عليهن تدريجياً وعددنا القليل واحترامهن لمساحتي الشخصية مكسب عظيم يجعل قيمة هذه الوظيفة أعلى في نفسي. 

عرفت ماذا أرتدي، أعرف أن الموضوع يبدو سخيفاً لكن، من يعرفني يعرف أنني أكره التسوق، وأكره شراء الملابس خاصة. وعدد القطع في دولابي قليلة مقارنة بمن حولي. وعندما أشتري ملابس فهي غالبا تكون استثمار كيلا أعود سريعاً لعملية التسوق الغثيثة. 

تأجيلي لمسألة التسوق كان يجعلني في حيرة يومياً فأغلب الملابس في دولابي كانت للزيارات أو المعيشة اليومية. ما يناسب العمل كان قليلاً. سطوت على دواليب رهف وعبدالعزيز، وأخذت منها ما ناسبني. لكن حتى هم لا يملكون ما يكفي. تجاهلت الموضوع وذهبت للعمل فترة طويلة بالجينز وقمصان سنوبي، و ريك أند مورتي، وأميرات ديزني. لكن مقر العمل دخل الآن في موسم جديد وسيصبح الزوار كثيرون ما يستدعي أن أبدأ ارتداء ما هو أكثر احترافية. شاركت قلقي هذا مع صديقاتي المقربات. وفي اجتماعنا التالي فوجئت بكمية الملابس التي جهزنها لي ! 

أجمل ما في الموضوع، بجانب موضوع عدم اضطراري للتسوق بنفسي، هو أن اختياراتهن متنوعة وجميلة لكنها كانت اختيارات أتجنبها غالباً كوني لا أعرف كيف يتم تنسيقها بشكل جيد. تم حل الواجب بدلاً عني ولم اضطر هذه المرة لتأجير متسوقة ومنسقة ملابس كما كنت أفعل سابقاً. شكرا بنات 💗

مما تحسن أيضاً، متلازمة المنتحل، بدأت أرى نتيجة عملي والرفق بنفسي. وأذكر نفسي دائماً أنني هنا للمدى الطويل وهذا ليس مشروعاً سريعاً، فخفّ القلق.  قلّت الاجتماعات كذلك بعد أن بدأ العمل الفعلي وانتهى التخطيط. 

وصديقتي سوسن، رغم تحدياتها في وظيفتها الجديدة، استطاعت دعمي نفسياً لتخطي الكثير من المشاعر السلبية المتعلقة بموضوع العمل عن قرب.

لازال مظهر نوبات الاكتئاب مختلف. لكن أصبحت الآن أكثر راحة مع الزميلات فلم أعد ابتسم غصباً عن مشاعري في مكان العمل عند مروري بنوبة اكتئاب. 

لكنني لم أتكيّف بعد..

لازلت أصحو وأتذكر أن علي الذهاب جسدياً للعمل في مكان مختلف فتتصاعد العبرات في حلقي كل صباح تقريباً. خاصة أن أغلب عملي يمكن عمله من مكتبي في المنزل. أو حتى على سريري ! لست أجد سبباً يبرر ذهابي اليومي للمكتب ولازلت في كل يوم كطفل يذهب إلى المدرسة أول مرة، أبكي أحياناً. 

أصبحت هذه الأغنية هي أغنية الطريق إلى المكتب .. 



لم اعتد كذلك أن أضطر للاستئذان من مديري للذهاب إلى موعد مستشفى، خاصة لأن مواعيدي كثيرة ولم أستوعب هذا إلا بعد أن بدأت بالاستئذان من أجلها.  اعتدت طول السنوات الماضية أن أحمل الكمبيوتر المحمول أو الجوال وأذهب مستمرة في العمل في غرف الانتظار. وعندما أعود أكمل العمل حيث توقفت. 

سأدخل الآن تحدٍ جديد في العمل، العودة للمدرسة. رهف وعبدالعزيز كانا يتوليان مسؤولية العناية بالصغار. وعندما تبدأ الدراسة سيعودون هم للحضور في مقرات الدراسة، أما الصغار فلازالوا في المنزل. جاء الخبر متأخراً كعادة وزارة التعليم. وبدأنا الآن رحلة البحث عن مكان لاستضافة لين وخالد وقت العمل. 

الخيارات موجودة إما غالية جداً جداً ما يجعل راتبي بلا معنى، أو غير مناسبة.

لين وخالد بعمر 8 و 10 سنوات، الأماكن التي تقبل استقبال الاثنين قليلة جداً. لازلت أبحث عن الحل لكنني أظن أنني اقتربت سأشارككم الحلول التي وجدتها إن نفعت. 



الاثنين، 21 يونيو 2021

بعد 12 عام من العمل عن بعد ، وشهرين في مقر العمل مالذي تعلمته عني حتى الآن؟

 



بدأت مسيرتي الوظيفية عن بُعد. في وقت لم يعرف الناس معنى العمل عن بُعد بشكل واضح. وكانت جميع وظائفي عمل حر. تعتمد على المشروع. فمشروع يأخذ سنة وآخر يأخذ ثلاث أشهر. كما تعودت أن يكون من وظفني ومديري المباشر هو "صاحب الحلال" أو المدير التنفيذي. فلا يوجد أي شخص بيني وبين صاحب القرار النهائي. 

12 عام، كنت أعمل بهذه الطريقة. ومنذ شهرين فقط، أصبحت أعمل في مكتب، يوميا، وُضِع اسمي للمرة الأولى في هيكلة المنظمة. وللمرة الأولى يكون المتوقع أنني سأعمل لسنوات مع هذه المؤسسة. ويوضع لي مدير مباشر وسيط بيني وبين المدير الكبير. 

جئت بحمولة وطريقة تفكير العامل المستقل، التي تتلخص في : " أنا هنا لفترة مؤقتة، يجب أن أُنجِز كل ما وعدت به في هذه الفترة البسيطة، مصلحة العمل أهم من مشاعر الزملاء، لا بيروقراطية مملة والقرار مباشر ولحظي من صاحب الحلال الذي يقول لي "إن تأخر المدير المالي في إعطائك الميزانية سأرسل لك المال من حسابي الخاص" 

طريقة التفكير هذه التي تشربتها تماماً والتي ساعدتني لبناء سمعة جيدة ومعيشة جيدة. ومشاريع أفخر بها، وأخرى أخجل منها لكن تعلمت منها الكثير.. أوصلتني هنا، لكن ..... 

سببت لي المشاكل عندما أصبحت موظفة أعمل عن قُرب، بطريقة تقليدية، ومع عدة مدراء.

لم أعتد البيروقراطية. لم أعتد أن أقول : "المشروع سيتم خلال ثلاث أشهر غالبا" معتمدة على خبراتي السابقة، ثم أكتشف أنني سأدخل الشهر الثالث ونحن لم نتفق حتى على أساسيات وفريق وميزانية المشروع.

واكتشفت في العلاقات الوظيفية طويلة المدى مثل هذه، أن مشاعر زملائي وزميلاتي أهم من مصلحة العمل أحياناً. 

لا ينبغي أن أُظهِر أخطاءهم بصراحة من أجل تصحيحها. أصبح لابد أن اُلمّح. قبل أن أصرّح. 

وتورطت _ إن صح التعبير_ بشخصيتي في العمل، أنا انطوائية وهادئة غالبا وأستمتع بالعمل المستقل أكثر من العمل الجماعي، وفي خبراتي السابقة، لم يكن هذا عائقاً إذ يمكنني التظاهر بأنني اجتماعية ليوم أو يومين في الأسبوع. والحديث بكثرة في اجتماعات متباعدة. وتقديم العروض والحديث عن الخطط بحماس. لدي شخصية صممتها للعمل، أرتديها حين أحتاجها ولأنها لا تشبهني كثيراً فهي ثقيلة ومرهقة وكوني أعمل عن بعد، لم أكن أضطر لاستخدامها لفترات طويلة. 

دخلت هذه الوظيفة بشخصية العمل هذه. لم أتوقع كل هذا الإرهاق الذي يحصل بسببها. والمشكلة الأصعب هي: كيف أعود لشخصيتي الحقيقية أمامهم دون أن أفقد ميزات شخصية العمل ؟ فبيئات العمل لا تفضل الانطوائي الهادئ !

في وظيفتي هذه إيقاع العمل أبطأ بكثير من العمل كمستقل. مما يعني أن أوقات الفراغ أكثر، وهذا مدخل ممتاز لمتلازمة المنتحل الشهيرة إلى مشاعري. تباعد الإنجازات يجعلني أشك في قدرتي على العمل وعلى جودتي به.

افتقدت حقيقة حضور الاجتماعات بالبيجاما.

وافتقد أيضاً القدرة على تخطيط الرحلات في أي وقت لأن عملي كان يرافقني ولست مرتبطة بمكان معين.

لكن تعلمت في هذا النمط من الوظائف شيئاً لم أجربه من قبل؛ وقت الفراغ. 

اكتشفت أنه ليس خرافة. وأنه يمكن للعمل أن ينتهي بعد عدد من الساعات. فأتوقف وأنسى الأمر حتى اليوم التالي. وعرفت أنه من الطبيعي ألّا تصلني رسائل في منتصف الليل تطلب مني تقارير للغد.

زميلاتي في العمل أجمل من كل كلام طيب يوصفن به. لكنني افتقدت خصوصيتي بالعمل إلى جانبهن. فالانهيار لثلاث دقائق صعب في وجود آخرين. والطرق التي تعلمتها للتعامل مع القلق ليست مناسبة لأجواء العمل. فلا السير في دوائر مقبول اجتماعيا، ولا الحديث بصوتٍ عالٍ ولا الشتائم التي تخفف عن النفس بعض الغضب ولا الاستلقاء حين تهجم نوبة هلع. 

هذا أكبر ما افتقدته، وأصعب ما يجب تعويضه. علي تعلم طرق تكيّف جديدة مع القلق والاكتئاب.

تغيّر مظهر نوبات الإكتئاب. أصبحت أخرج من السرير كل صباح في نفس الوقت مهما كانت مشاعري. وحتى إن كنت أفكر بالإنتحار في الطريق إلى العمل. أصبحت تظهر نوبات الإكتئاب بالبكاء المفاجئ في مواقف السيارات وفي غرفتي بالمنزل وأصبح السبب الرئيسي لها هو أنني (لم أنجز شيئاً اليوم).

علي أن أتعلم أن الإنجاز ليس حدث يومي. أنا أعرف المعلومة وأعرف أن الإنجاز أمر تراكمي وعلى مدى طويل، لكن يجب أن أقنع قلبي بهذه الحقيقة. 


والاجتماعات .. يا إلهي .. الاجتماعات .. الصبر يا ربي .. لا تذكرني إلا بأيام الجامعة ومحاضرات الدكتور الذي يأتي يوماً واحداً في الأسبوع من مدينة أخرى ويعطينا محاضرات في مادة واحدة لست ساعات. 

تنفسي وفاء.. هذا الوقت سيمضي وبيصير سواليف 



اكتشفت أسباباً لم أتوقعها تجعلني لا أريد الحضور في مقر العمل ..