الخميس، 22 ديسمبر 2011

أنا ، شَعري والمجتمع !

أصعب صراع مررت به .. هو صراع قبول شكلي ..
وهي معركة منذ الطفولة .. بين نفسي وأنا ومجتمع عائلتي والمدرسة..
وأكبر رمز لهذا الصراع ..
شعري!
ولدت بشعر ناعم و مجعد .. تتنافس خصلاته في الدوران حول نفسها .. وتكره أن تُمط وتُمد وتُمسّد ..
تتقافز في حبور حول وجهي وتعشق أن تُترك حرة ..
وفي عائلتي الممتدة ... هذه النوعية من الشعر .. نادرة ومكروهة .. وربما هي ليست بتلك الندرة لكن لشدة ما هي مكروهة .. لا أراها إلا بعد تغيير هيئتها وتنكرها بنوع آخر ..
ولخمس وعشرين عام .. كنت في صراع بين حب وكره شعري ..
أحببت عفويته وطبيعته .. وكرهت الانتقادات والسخرية التي تلقى علي بسببه ..
الجدير بالذكر أن الوحيدة التي تحب شعري ولا تسخر منه هي خالتي .. والتي تعشق تجعيداتي الثائرة .. ولا تزال تطلب  مني في كل مناسبة أن أترك شعري بطبيعته .. وتراه شديد الجمال والتميز .. والتي أسمح لها أن تعبث ب (سبرنقات ) شعري .. كما تسميهم ..
ولكن السخرية كانت أشد .. ولتجنبها كنت أغلي شعري بالمجفف ثم أقليه بمكواة الشعر سنين طويلة .. بمعاونة أمي بالبداية .. ثم اعتمدت على نفسي ..
ثم نقمت على كل من يسخر من شكلي ورميت انتقاداتهم في القمامة .. وحاولت التعامل مع شعري .. لكنني لم اعرف كيف ؟ لم  أعرف المنتجات التي تصلح له وكيف أسرحه ..
ولأنني كنت مراهقة في الوقت الذي كان بها (الدش) حرام .. وأغلب الفتيات في مدرستي لا يمتلكنه ..
كذبت كذباً صريحاً وأدعيت أن الشعر المجعد هو الموضة في القنوات اللبنانية الآن .. بينما الحقيقة كانت الشعر المحروق .. والمجعد كان الموضة في القنوات الأوروبية ..
ولكنني لم أقنعهن .. ثم انتشر الدش ولم أستطع الكذب أكثر .. فاستسلمت .. وعدت لطرقي القديمة المجربة من الحرق المستمر ..
ومرت السنوات ..
ثم خُطبت.. وعرفت أنه تم وصفي بطريقة شنيعة لخطيبي .. جعلته يظن أنني أشبه اسماعيل ياسين ..بشعر لوداكريس..
ومن أجل إحسان الظن بهم .. هم ركزوا على السلبيات التي بي كي ينفوا عن نفسهم صفة الخديعة .. فبالغوا سامحهم الله ..
ورغم أنه رآني .. فلازالت هذه الصورة تطاردني ..
وظللت في حالة حرب ومحاولة إثبات جمالي بضع سنين ..
وكانت فكرة أن يرى زوجي شعري بطبيعته تثير في هلعاً يفوق فكرة أن أُدفن حية بتابوت ملئ بالصراصير..
وبعد حملين وولادتين وارضاع طفلين .. والمزيد المزيد من سوء المعاملة ..
قرر شعري أنه لا يستحق كل هذا ..وبدأ بهجر فروة رأسي ..
وبعد الكثير من الاختلاء بالذات والبكاء المرير .. صارحني زوجي أنه لا يرى في شعري الطبيعي أمرٌ مشين ..وأنني أبالغ .. وطالبني بإحسان معاملته ..
ففعلت .. مترددة .. ثم بدأت تقبل شعري ومحبته .. وتسامحت مع من سخر مني ..
وتسامحت مع ذاتي .  
ولحسن حظي ... ظهرت ميريام فارس ...  في الوقت المناسب ..
وبعد شهرتها .. نُفِيت صفة القبح عن الشعر المجعد بطريقة سحرية .. وسهّل هذا علي الطريق .. فالسخرية قلّت كثيراً ..
وانتشرت مستحضرات العناية بالشعر المجعد .. وكثُرت فيديوات تسريحات الشعر المجعد في الانترنت ..
لست ضد تغيير الشكل والمزاجية .. فأنا مزاجية جداً.. أنا فقط ضد أن يتم فعل أي شيء من أجل الآخرين فقط .. وبدون دافع داخلي حقيقي .. وبرغبة تنبع من الكره لا الحب .
من المحزن أنني قضيت خمس سنوات فقط من المتعة.. وضيعت خمسا وعشرون سنة في حرب غبية مع طبيعتي ..
ليس لهذه التدوينة هدف غير التذمر والفضفضة .. ولكن إن قررنا لَي عنق التدوينة وإخراجها بفكرة ..


ليس لي إلا أن أقول ..


تقبلوا أنفسكم ..

هناك 4 تعليقات:

  1. ما شاء الله كتابتك أفضل مما سبق كصياغة :) ..

    جميل ختمتي التدوينة بفائدة ( أنا فقط ضد أن يتم فعل أي شيء من أجل الآخرين فقط .. وبدون دافع داخلي حقيقي .. وبرغبة تنبع من الكره لا الحب ..) ..

    وهذهـ هي الحياة مع الناس، وإرضاؤهم ليس سهل، لذا أفضل شيء تكون حياتك بدافع منك وحبك مقتنع به ..

    للمعلومية اني أفضل الشعر الناعم المجعد لأني مثلك، وعانيت بعض الشيء وليس فترة أيام المراهقة عندما كنت أطيله :)..

    موفقة وإن شاء الله تدوينة قادمة أفضل وأفضل ..
    صفوان القريوتي

    ردحذف
  2. شكراً صفوان .. شكراً جزيلاً
    :)

    ردحذف
  3. طيب اللي خشمة مايل شوي وش يسووي :p

    ردحذف
  4. يا يحبه ويتقبله .. يا يعدله ..
    أهم شي إنك لما تعدله .. يكون هالشي عشانك أنت مو الناس ..

    ردحذف