الجمعة، 12 فبراير 2021

بودكاست شسمه : الحلقة 2 : بترونة النجاح الوحيدة





رابط الحلقة 

 السلام عليكم . أنا وفاء خالد، وهذا شسمه بودكاست .. عن أي شي وكل شي. كل مرة أمسك موضوع شاغل بالي وأسولف معكم.

اليوم موضوعنا معقد قليلا ولن أستطيع تغطية كل الجوانب فيه هنا. لكن مثل العادة ستجدون كل المراجع والنص الكامل في المدونة 

www.wafakm.com


الموجودة في وصف الحلقة مع طرق التواصل 


مقابلة :

"- المجتمع ماهو قياس لأنهم ياخذون من نظرة محددة ..

- وش هي النظرة المحددة هذي

- النجاح بالعمل أكثر شي ، يعتبرونها هي الناجحة، بالمجتمع إذا ما عندهم خلفية عن حياتهم الأسرية، والاجتماعية ، يبنون على العمل.

- يعني تتوقعين لو كان في ربة منزل قاعدة في مجلس مع سيدات "ناجحات" ، هل بيعطونها وجه مثل الباقين ؟

- لا للأسف ، مع إنها أكثر نجاحا منهم ، من كل الموجودين لا بالعمل ولا بالحياة الاجتماعية ولا الحياة الأسرية "


صورة النجاح المحفورة في عقولنا الواعية واللاواعية أصبحت ضيقة جدا علينا. أظن أن الوقت جاء لنفهم كيف وصلنا إلى هنا؟ وكيف نخرج من هذا المأزق؟. هذه الصورة الضيقة كانت نتيجة لسياق تاريخي طويل .. فلنختصره قليلا مع بعض.. 


نولد ويُحدد جنسنا مباشرة ثم نُلف بمهاد وردي أو أزرق تُرسم لنا خطة حياتية كاملة بناء على ذلك. نكبر فنُدفع داخل قالب معين تحدده جيناتنا والعادات والتقاليد ورغباتنا الشخصية والصورة المتجددة للنجاح في العالم. 


مقابلة : 

"- من هي المرأة الناجحة ؟ 

- المرأة الناجحة هي التي خلصت دراسة وتوظفت وتزوجت وكونت أسرة مع وظيفة 

- يعني أنا فاشلة الحين ؟ 

- لا، هذا أنتِ عندك أسرة وعندك وظيفة وعندك دخل مادي 

- بس ما كملت دراسة ؟ 

- مو مشكلة، أهم شي تكونين مكتفية ذاتيا 

- معناها تعريفك للمرأة الناجحة  ناقص 

- لا يعني ، خلي الدراسة مو لازم جامعة ، يعني على الأقل ثانوي 

- طيب لو افترضنا مثلا .. 

- لازم يكون عندها دخل مادي أو وظيفة تسترها ، زوجها ينفصل عنها أو يمكن زوجها يموت ، يمكن زوجها يختلف معها ، فتقدر تمشي أمورها ، تقدر تعيش حياتها 

- بمعاييرك هذه معناها أن أمي وأمك فاشلين 

- في هذا الزمان نعم ، لو هم في زمننا هذا ، نعم "


في كل زمن نلقى صور معينة للشخص الناجح. إما أن نشبهها أو أننا فاشلون. ويحدد أقراننا مدى فشلنا واستحقاقنا بناء على مدى تشابهنا مع هذه الصورة. 

حتى زمن قريب، كانت المرأة الناجحة هي التي تتزوج مبكراً وتنجب أطفالاً أصحاء من بينهم ذكر واحد على الأقل. وتحافظ على جمالها ونظافة منزلها وجودة طبخها وتدبيرها لأمور الصرف والمنزل طوال عمرها. وعلاقتها مع أهل زوجها.  وبناء على قربها من هذه الصورة تُعطى لها صلاحيات أكثر في العائلة ويصبح لصوتها ثقل أهم في القرارات. 

وكان الرجل الناجح هو الذي يتزوج في عمر مبكر وينجب الأطفال ومن بينهم ذكر واحد على الأقل. ويستطيع توفير الحاجات المادية الأساسية لهذه العائلة ووالديه وأخواته العوانس. وكل قريب أو قريبة يقعون في نطاق يمكنه المساهمة فيه ماديا. 


وأي شخص سواء ذكر أو أنثى يخرج برغباته الشخصية من هذه الصورة يُعتبر معطوباً وفاشلاً ولولا الحرام لقتلوه رحمة به.


          تغير الزمن، ودخلت نماذج جديدة بدأت تكسر هذه الصورة. ودخل التعليم فيها. ثم دخل تعليم الفتيات، ثم تطور الأمر وأصبحت الأنثى تستطيع توفير الماديات لنفسها وعائلتها إن أحبت عن طريق العمل بنفسها في خيارات محدودة. ثم كثرت الخيارات هذه مع توسع نطاق الدراسة ورغبة الأهل في تقريب أولادهم وبناتهم لصورة الناجحون المتجددة. 


ومثل كل زمن كان المسمار الذي يخرج عن الصف يضرب على رأسه ليعود له صاغراً. وكان حِرص الأشخاص على قربهم من صورة النجاح وحِرص الأهل على تقريب أبنائهم لها. كافياً لصنع صوراً محددة جديدة للنجاح. 


وخلق لنا هذا صورا جديدة للتطرف ضد الخيارات المختلفة عنها. واعتبارها فشلا. 


في هذا الزمن، صورة النجاح للمرأة أصبحت محددة جدا وواضحة جدا، تُكتب بها المقالات والدراسات. 

فهي يجب أن تكون متفوقة في دراستها، جميلة، تعمل في وظيفة برجوازية، متزوجة، لديها أطفال لكن إنجابهم لم يؤثر على هيئتها الخارجية، مبتسمة دائما، سعيدة، رقيقة جدا وفي نفس الوقت قوية، منزلها شديد الترتيب والنظافة. وراتبها يستطيع تحمل كل أساسيات الحياة لعائلتها وكل الكماليات التي تُثبت أنها من طبقة معينة تنتمي لها، أو تريد الإنتماء لها، ومتواضعة. مكياجها دائم لكن غير ظاهر. وزوجها يُعامل في منزله كشهريار. 

يريدونها 

مكر مفر مقبل مدبر معا .. كجلمود صخرٍ حطه السيل من علِ 


مقابلة : 

"- المفترض ، المتعارف عليه في المرأة إنها ما تحط نفسها أولا ، لازم تحط كل الناس بالإضافة إلى المجتمع، قبل نفسها ، وبعد كل هذا تضع قرار لنفسها وما تريد ، إذا استاطاعت التوفيق بينه وبين بقية الأشياء "


رغم كل المتطلبات سابقة الذكر عندما تُقدم سيدة على اتخاذ خطوة في العمل خارج المنزل، أول سؤال يوجه لها هو :" كيف يمكنك المحافظة على منزلك وعائلتك ومصالحهم وتوازن حياتك؟" بينما لا يوجه هذا السؤال للرجل عادة .. 

وعند عمل مقابلة صحفية أو تلفزيونية مع سيدة ناجحة في مجالها، لابد أن يكون أحد الأسئلة : " كيف توازنين حياتك العائلية والعملية ؟ " بينما لا نرى هذا السؤال في المقابلات التي تكون لرجال ناجحون في مجالهم. 

في دراسة سنة 2006 لاحظوا أن نصف النساء في العينة يعرّفن النجاح بأنه التوازن. والنصف الباقي توزع تعريفهن بين الرضا وجودة العلاقات في حياتهن.

أما الرجال، فكانت نتيجتهم أن 45% منهم كان تعريفهم للنجاح يدور حول الأمور المادية. و 30% تكلموا عن جودة العلاقات. وفقط 5% منهم أتوا على ذكر التوازن. 

(لن أدخل في تفاصيل الفرق في الرواتب بين الجنسين عند تقديم نفس العمل، ولا عن السقف الزجاجي الذي ترتطم به طموحات السيدات العاملات اليوم.فهذا موضوع معقد جدا.)


طيب، وماذا عن السيدة التي قررت أن تكون على طبيعتها ؟ أو قررت أنها تحب كونها ربة منزل ؟ وماذا عن التي لم تحظَ بالجينات المحظوظة التي تقربها من صورة المرأة الناجحة ؟ 

هل توضع مباشرة في خانة الفشل ؟


مقابلة :

" - طيب ، أنتِ كنتِ ربة منزل لفترة سنوات ، هل أحسست يوما أن المجتمع ينظر لك كفاشلة لأنك ربة منزل ؟

- لا ، لأني كنت ربة منزل ناجحة "



نستطيع أن نرى كيف تعمل هذه الضغوط والتوقعات الحديثة بوضوح في المجالس الكبيرة. فتلك المعلمة تستطيع أن تحتكر الحديث في المجلس وهذه المديرة تفرض رأيها وتناقشها، ورائدة الأعمال مثيرة للاهتمام ويستمع لها الجميع. بينما تجد ربة المنزل أو المتفرغة للأمومة أن رأيها مهمش، ومن السهل مقاطعتها حين تحاول الحديث، إن سُمِح لها ذلك. ولا يتم توجيه الحديث لها إلا إن أصبح الموضوع عن الطبخ أو إزالة البقع


مقابلة :

" - وربة المنزل للأسف مظلومة في مجتمعنا ، دائما يعتبرونها فاشلة لأنها ما حققت في العمل أو في الحياة الإجتماعية أو المادية وغيرها

- حتى لو كان هذا اختيارها ؟

- حتى لو كان اختيارها

- حتى لو هي كانت تقول : أنا أحب كوني ربة منزل وأريد الجلوس مع أطفالي ، لا يرضى عنها المجتمع ؟

- لا، يعتبرونها حجة لفشلها "


والأسوأ عندما تكون هذه الصورة عن ربات البيوت موجودة عند من يعتبرون نُخبة المجتمع، والذي يُفترض أنهم منفتحي العقل على الآخرين وأفكارهم وحيواتهم. ومن أبسط الأمثلة أن تكون صفة "ربات البيوت" مع صفة "أنصاف المتعلمين" كنموذج للأشخاص الذين يسهل إقناعهم بالمؤامرات والخرافات. وكأن مجرد اختيار السيدة أن تكون ربة منزل يجعلها تلقائيا أقل منزلة عقلية وثقافية من الآخرين. 


وجدت هذا الوصف في مقال للدكتور ياسر عبدالعزيز. في صحيفة الشرق الأوسط عدد [15413] بتاريخ 08 فبراير 2021، اسمعوا معي: 

"لم تنجح «كيو أنون» عبر استخداماتها الحاذقة لوسائط «السوشيال ميديا» مع ربّات البيوت وأنصاف المتعلمين، الذين لا يطالعون الصحف ولا يتابعون نشرات الأخبار، فقط، بل نجحت أيضاً مع نخب سياسية وثقافية "  أ.هـ 



من الجهة الأخرى،  السيدات العاملات يحتجن أن يعملن أكثر من زملائهن الرجال وبنتائج أفضل منهم حتى يُنظر لها كجديرة بالعمل معهم. حتى وإن كانوا لا ينوون ترقيتها أو حتى زيادة راتبها ليتساوى مع زميلها الذي يقوم بنفس واجباتها بالضبط.

وفي الأعمال التجارية، عندما تكون سيدة هي المالكة، تحتاج في كل عملية تجارية إثبات جدارتها لكل من الموردين والموظفين والمنافسين، ويكون لهذا أهمية أكبر إذا كان مجال عملها يحتكره الرجال في الغالب. 


مقابلة :

" - honestly , someone who goes to bed and can not wait for the next morning and excited "

الترجمة : " بصراحة ،هي من تذهب للنوم وهي تنتظر اليوم التالي بشغف "


على طاري الأعمال الريادية، الأهداف وتحديد مقومات النجاح في الأعمال الريادية التي تملكها سيدات أو رجال غالبا واحدة. وتتشابه كذلك الأسباب التي تدفع كل منهم للبدء بهذه الخطوة. مثل الاستقلالية، وزيادة الدخل، وعدم وجود مدير لهم. لكن، الاختلاف كان واضحا عندما ذكر أغلب الرجال أسباب اقتصادية لرغبتهم بالعمل الريادي. بينما ذكرت النساء أسباب لها علاقة بالعائلة. 

" العمل الريادي بالنسبة للرجال استراتيجية تجارية، بينما للنساء فهي استراتيجية حياتية" كما ذكرت نورا نوبل في تقريرها عن رياديات الأعمال سنة 1986 في مجلة venture 


مقابلة :

" - وأنتِ ما رأيك ؟ من هي المرأة الناجحة ؟

- لا أعرف ، أحس أنه anyone who is content with thier life ، بمختصر الموضوع everything she said بس content with thier life ، سواء كانت بحالتهم المادية ، أو شغلهم ، أو عائلتهم or thier huose ، thier cars .. what ever it is "

الترجمة :

- " لا أعرف ، أحس أنها أي انسانة راضية بحياتها، بمختصر الموضوع ، كل ما قالته هي لكن بالرضا بحياتهم ، سواء كانت حالتهم المادية أو شغلهم أو عائلتهم ، أو منزلهم أو سياراتهم ، أيا كان ..

- قناعة وإلا رضا ؟

- قناعة

- ألا تشعرين أن القناعة قد تحد من الطموح ؟

- لا "


هذا الضغط الشديد على المرأة في المجتمع لا يعني أن الرجال مسترخون تماما، بل العكس، فكل ضد من هذه الضغوط تجده ضاغطا على الرجال. فالرجل إن كان قنوعاً ولا يسعى للتطور الوظيفي أو العلاوات أو المناصب يعتبر متكاسلاً. وإن كان لا يريد بدء عمل خاص له وسعيد بوظيفته وسلمه الوظيفي المتوقع، يعتبر عبداً للوظيفة. وذلك الرجل الذي قرر أن العمل اليدوي مرضٍ له ويُسعده وأراد أن يكون هو مصدر دخله. يُعتبر غبيا، أو حتى عار في بعض التقاليد.

وكذلك بدأت الصورة الخارجية للرجل تخضع للمعايير الجديدة فبعد أن كان العيب الوحيد للرجل هو جيبه، أصبح الآن كرشه وصلعته وانعدام عضلاته وأنفه وحدود فكه من الأشياء التي يتم تقييمها واعتبارها جزء من قيمته كإنسان يستحق النجاح. 


صورة النجاح الضيقة علينا، كتمت أنفاسنا. وأصبحت مصدر قلق كبير للعديد من صغار السن. حتى أن بعضهم أصبح يخاف من الفشل في أحد المتطلبات لاكتمال هذه الصورة فيرفض المحاولة أصلا.


مقابلة :

" بالنسبة لي ، المرأة الناجحة هي المرتاحة مع نفسها ، التي تختار الاختيار وهي واثقة منه وعارفة لتبعاته ولا عندها مشكلة مع ما قد يقوله الناس عن قرارها .. قررت تشتغل فهي مبسوطة ومرتاحة مع نفسها ولا يهمها ما يقوله الناس ، قررت تجلس في البيت هي مبسوطة مع نفسها ومرتاحة ولا  تنتظر من أحد أن يؤمن أو ينتقد قرارها ، وأهم شيء ، واعية للتبعات " 


حلقة اليوم مبسطة جدا وتنظر للموضوع بطريقة سطحية حتى. لكنني أتمنى أن تكون بداية ممتازة لإثارة فضولكم لمراجعة أفكاركم الشخصية عن صورة النجاح التي تضغط علينا واختيار البترونة اللي تناسبكم.


لأنه لا يوجد مقاس واحد يناسب الجميع. فالنجاح ليس جورب العائلة.  




المراجع : 


How we define success: A qualitative study of what matters most to women and men

ربات البيوت (مقال "مصنع الأوهام"  لـ د. ياسر عبد العزيز) 

Entrepreneurs' Perceptions of Success: Examining Differences Across Gender and Family Status

Female Entrepreneurs: How Far Have They Come?




لمن وصل هنا :
شكرا لك ممتنة لوجودك في الحياة 


هناك تعليقان (2):

  1. شكرا لك عزيزتي وفاء .. فعلا موضوعك بيترك نهايات مفتوحة لاسأله كثيره.. ونعيد النظر لافكارنا واراءنا..

    ردحذف