الاثنين، 10 مارس 2014

بين العطف والتعاطف

متى يصبح تصوير أعمالنا التطوعية مقبولا ؟ متى يصبح عملنا الخيري حقيقيا ؟
نرى صورة أو نقرأ مقالا عن معاناة بعض الأشخاص فيتحرك فينا جزء يقول :" عليك جزء من الذنب ، أنت أيضا مسؤول ما دمت تعرف"
هذا الجزء الجميل فينا نقتله بتحويله إلى شفقة تجاه الشخص في الصورة أو المقال .. نرمي بعض النقود في صندوق لنريح هذا الجزء الصغير الخيّر وننسى الموضوع بعدها.

لماذا يستطيع الفقراء الإستغناء عن نسبة عالية من مداخيلهم من أجل مساعدة الآخرين ، بينما يجد الأغنياء أن نسبة لا تتعدى 2% من مدخولهم كافية لمساعدتهم ؟ رغم أنهم قد يدفعون أضعاف هذا المبلغ في كماليات قد يرمونها في نهاية خزاناتهم اللانهائية وينسونها !
ورغم أن كلا الجانبين يتعرضان لنفس الدعاية ولنفس الصورة ولنفس المقال ؟

لماذا يتردد بعضنا في أن يحكوا تجربتهم السيئة مع من حولهم ؟
لأنهم يعرفون الحقيقة .. الحقيقة المرة التي ندركها جميعنا ولا نتحدث عنها .. حقيقة أن من سيسمعنا سيعطف علينا ، سيشفق علينا ، لكنه لن يتعاطف معنا ..
لن يستطيع أن يضع نفسه في مكان المتحدث ، مكان الفقير ، مكان المحتاج .. ويبحث في داخل نفسه عن شعور مشابه ليقول : " أعرف كيف تشعر ، هذا أمر يصعب عليك بالطبع ، قد لا أعرف كيف أساعدك ولكنني مستعد لهذا فأخبرني "
الرد الذي نسمعه غالبا حين نشارك تجربة مؤلمة بحثا عن التواصل يكون : " احمد ربك على النعمة ، على الأقل أنت لديك كذا وكذا ، أنت في مكان يحسدك عليه الآخرون "

بين تلك النظرة التي تضع السامع والمتحدث في مستوى واحد ، وتلك النظرة التي تجعل المتحدث يبدو في حفرة عميقة لوحده .. فرق عظيم ..

هذا الفرق هو الفرق المهم بين العطف والتعاطف.

نحتاج لمزيد من التعاطف بيننا ، فما عاد العطف لوحده يقوم بالمهمة. بل إنه أصبح يقتل كل جميل داخل نفس المتحدث.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق